كالمسألة الثانية.
ويمكن أن يقال : إنّ مسألة الكرّية والملاقاة لا تخرج عن أمثلة إسلام الوارث وموت المورّث ، فإنّ بقاء الكرّية يكون مانعاً من ترتّب الأثر على الملاقاة كما أنّ بقاء كفر الوارث يكون مانعاً من ترتّب الأثر على موت المورّث ، وحينئذ ينحصر الفرق بينهما بترتّب الأثر على كلّ من الأصلين ، فيجري في كلّ منهما أو في خصوص أحد الطرفين ، فيجري فيه دون الطرف الآخر ، أو أنّه لا أثر للأصل في كلّ من الطرفين فلا يجري في كلّ منهما ، والمدّعى هو أنّه في مسألة الكرّية والملاقاة لا يترتّب الأثر على شيء من الأصلين ، فلا يجري في كلّ من الطرفين بخلاف مسائل إسلام الوارث وموت المورّث.
قوله : فيستصحب بقاء الوضوء إلى زمان الشكّ وبقاء الحدث أيضاً إلى زمان الشكّ ، فلو كان زمان الشكّ في تقدّم الحدث على الوضوء وتأخّره عنه هو أوّل الزوال ، فاستصحاب بقاء الوضوء إلى الزوال يعارض استصحاب بقاء الحدث إليه (١).
قد يتوهّم الإشكال عليه بأنّه لا معنى لاستصحاب الحدث إلاّ استصحاب عدم الوضوء بعده ، والمفروض أنّ الوضوء فيما نحن فيه معلوم التاريخ ، وقد تقدّم أنّ أصالة العدم لا تجري فيما هو معلوم التاريخ.
والجواب عن هذا التوهّم واضح ، أمّا أوّلاً : فللمنع عن كون معنى استصحاب الحدث هو استصحاب عدم الوضوء بعده ، بل إنّ استصحاب الحدث استصحاب وجودي مستقل ، لا يرجع إلى استصحاب عدم وقوع الوضوء بعده.
وأمّا ثانياً : فلأنّا لو سلّمنا كون استصحاب الحدث هو عبارة أُخرى عن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٤.