دون الصور الذهنية الحاكية عن الموضوعات الخارجية ، فإنّها تابعة لا محالة لذي الصورة.
ورابعاً : أنّ هذا لو تمّ لكان جارياً في جميع الموضوعات المركّبة ، مثل صلّ خلف العادل أو قلّد العادل ، فيما إذا شكّ في بقاء عدالته ، لأنّه حينئذ يقال : إنّ العادل وإن كان مركّباً من الحياة والعدالة ، إلاّ أنّ مدلول العادل لمّا كان مفهوماً بسيطاً لم يمكن إحراز أحد جزأيه بالأصل والآخر بالوجدان.
على أنّه يمكن التأمّل والتشكيك في أصل وجود هذه الصورة المعبّر عنها بأنّها صورة ذهنية منطبعة في النفس ، فإنّ جميع هذه الأُمور قابلة للمنع ، إذ ليس لنا إلاّ الواقع وانكشافه لدى النفس ، وهذه الألفاظ التي نوردها ونحكم عليها لا تحكي إلاّنفس ذلك الواقع المفروض انكشافه لنا.
ودعوى أنّها تحكي أوّلاً عن نفس الصور الذهنية ، وأنّ الصور الذهنية تكون هي الحاكية عن الواقع ، قابلة للمنع والتأمّل ، إذ لا نجد في أنفسنا في القضايا التي نوردها إلاّ الحكاية عن الواقع المنكشف لنا.
ومن ذلك كلّه يظهر لك التأمّل فيما أُفيد بقوله : بل لابدّ من أن يكون « الأوّل » موضوعاً للمعنى البسيط الحاصل منهما ، ولو كان ذلك المعنى البسيط نفس اجتماع المفهومين في الزمان ، كما إذا فرض أنّ الواضع تصوّر مفهوم اجتماع المفهومين في الزمان ووضع لفظ « الأوّل » بازاء مفهوم الاجتماع ، ومن المعلوم أنّ ضمّ الوجدان إلى الأصل لا يثبت عنوان الاجتماع إلاّعلى القول بالأصل المثبت (١) ، فإنّه لا ريب في أنّ « الأوّل » ليس هو عبارة عن نفس الاجتماع ، وإنّما أقصى ما في البين هو أن يقال : إنّ لفظ « الأوّل » هو ما اجتمع فيه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٩.