مخالفتها ، ودخلت في قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وهذا هو عين ما يدّعيه صاحب الكفاية.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المقدّمة الموجبة للوقوع في الاضطرار إلى شرب الخمر لحفظ النفس ليست حرمتها من ناحية الاضطرار إلى شرب الخمر ، الموجب لحفظ النفس الذي هو حسن على كلّ حال ، بل إنّ حرمتها من ناحية أنّها مؤدّية إلى هلاك النفس ، غايته أنّه بعد الوقوع في الإشراف على الهلاك يكون شرب الخمر حسنا ، لأنّه رافع لذلك الهلاك (١).
وهكذا الحال في الدخول ، فإنّه مع حرمته نفسا يكون حراما باعتبار ما يترتّب عليه من دوام الغصب ، غايته أنّ علاج ذلك المحذور يكون بالخروج والتخلية لو أراد التخلّص بعد الوقوع في تلك الورطة ، فيكون الخروج حينئذ حسنا عقلا وواجبا شرعا. وهكذا المقدم على ما يوجب مرضه الذي لا يتمكّن معه من الصوم ، فإنّ إقدامه على ما يوجب مرضه يكون حراما لكونه موقعا له في المرض ، غايته أنّ حكم ذلك المرض هو عدم وجوب الصوم.
نعم ، لو لم تكن تلك المقدّمة موجبة لوقوعه في المرض ، بل كانت موجبة لكون الصوم مضرّا له مع فرض كونه غير مريض ، لكان حرمتها طريقية من ناحية
__________________
(١) لا يقال : بعد فرض أنّ الداخل بسوء اختياره قد اضطرّ إلى مقدار التصرّف الخروجي ، فلم لا يصحّ كونه مأمورا به بنحو الترتّب ، بأن يقال إن ارتكبت الدخول واضطررت إلى ذلك المقدار فاجعله خروجا ، فيكون الاتيان بالخروج عصيانا للنهي السابق واطاعة للأمر اللاحق.
لأنّا نقول : إنّ هذا العصيان بنفسه هو مورد إطاعة اللاحق ، فيكون الأمر به على تقدير العصيان المذكور تحصيلا للحاصل [ منه قدسسره ].