وإن كان متى لم يرد ذلك يصح أن يحصل فيما قدمه فائدة ، لانه لا يمتنع أن يريد بما قدمه من ذكر العبد تعريف الصديق ويكون وجه التعلق بين الكلامين أنكم إذا كنتم قد شهدتم بكذا وعرفتموه فاشهدوا أيضا بكذا ، وهو لو صرح بما قدمناه حتى يقول بعد المقدمة : فاشهدوا أني قد وهبت له أو رددت إليه عبدي فلانا الذي كنت ملكته منه ـ ويذكر من عبيده غير من تقدم ذكره ـ يحسن وكان وجه حسنه ما ذكرناه (١) ، انتهى كلامه نور الله ضريحه.
أقول : فإذا ثبت أن المراد بالمولى ههنا الاولى الذي تقدم ذكره والاولى في الكلام المتقدم غير مقيد بشئ من الاشياء وحال من الاحوال فلو لم يكن المراد العموم لزم الالغاز في الكلام المتقدم ، ومن قواعدهم المقررة أن حذف المتعلق من غير قرينة دالة على خصوص أمر من الامور يدل على العموم ، لا سيما وقد انضم إليه قوله صلىاللهعليهوآله : « من أنفسكم » فإن للمرء أن يتصرف في نفسه ما يشاء ويتولى من أمره ما يشاء ، فإذا حكم بأنه أولى بهم من أنفسهم يدل على أن له أن يأمرهم بما يشاء ويدبر فيهم ما يشاء في أمر الدين والدنيا ، وأنه لا اختيار لهم معه ، وهل هذا إلا معنى الامامة والرئاسة العامة؟
وأيضا لا يخفى على عاقل أن ما قررهم صلىاللهعليهوآله (٢) إنما أشار به إلى ما أثبت الله تعالى له في كتابه العزيز حيث قال « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم (٣) » وقد
____________________
(١) الشافى : ١٣٤ و ١٣٥. وحاصل ما ذكره اخيرا في رد الاعتراض أن ملاك الحسن والقبح ليس وجود الفائدة وعدمها حتى تدعون أن في المثال لو لم يكن المراد من لفظة « عبدى » ثانيا ما تقدم اولا لما كانت لذكرها أولا فائدة وهذا قبيح من المتكلم العاقل ، بخلاف الحديث فانه لو كان المراد من لفظة « مولى » غير ما ذكر أولا لا يخلو عن فائدة فلا يكون قبيحا ، فان الملاك لو كان ما ذكر لجاز عند وجود فائدة وإن قلت أن يكون المراد من لفظة « عبدى » ثانيا غير ما ذكر أولا ، والفائدة موجودة في المقام ومع ذلك لا يجوز ، فنستكشف أن الملاك غير ما ذكر بل فهم العرف وعامة الناس ، وهم لا يفرقون بين الامرين ، ويفهمون من الكلمة الثانية عين ما فهموه من الاولى ، فتدبر.
(٢) قرره بالامر : جعله يعترف به. وفى ( م ) : ان ما قررهم عليه اه.
(٣) سورة الاحزاب : ٦.