الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين » يقول : « براءة من الله ورسوله » من العهد « إلى الذين عاهدتم من المشركين » غير أربعة أشهر ، فلما كان بين النبي صلىاللهعليهوآله وبين المشركين ولث من عقود فأمرالله رسوله أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهدهم إلا من أقام الصلاة وآتى الزكاة ، فلما كانت غزوة تبوك ودخلت سنة تسع في شهر ذي الحجة الحرام من مهاجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله نزلت هذه الآيات ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله حين فتح مكة لم يؤمر أن يمنع المشركين أن يحجوا ، وكان المشركون يحجون مع المسلمين على سنتهم في الجاهلية ، وعلى امورهم التي كانوا عليها في طوافهم بالبيت عراة ، وتحريمهم الشهور الحرم ، والقلائد (١) ، ووقوفهم بالمزدلفة (٢) ، فأراد الحج فكره أن يسمع تلبية العرب لغيرالله والطواف بالبيت عراة ، فبعث النبي صلىاللهعليهوآله أبابكر إلى الموسم وبعث معه بهؤلاء الآيات (٣) من براءة ، وأمره أن يقرأها على الناس يوم الحج الاكبر ، وأمره أن يرفع الحمس (٤) من قريش وكنانة وخزاعة إلى عرفات ، فسار أبوبكر حتى نزل بذي الحليفة فنزل جبرئيل عليهالسلام على النبي صلىاللهعليهوآله فقال : إن الله : يقول : إنه لن يؤدي عني غيرك أورجل منك ـ يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ فبعث النبي عليا في أثر أبي بكر ليدفع إليه هؤلاء الآيات من براءة ، وأمره أن ينادي بهن يوم الحج الاكبر ـ وهو يوم النحر ـ وأن يبرئ ذمة الله ورسوله من كل أهل عهد (٦) ، وحمله على ناقته العضباء.
فسار أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام على ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله فأدركه بذي
____________________
(١) في معنى القلائد اقوال والظاهر ان المرادهنا ما كان يفعله المشركون من تقليد لحاء شجر الحرم ليأمنوا به اذا خرجوا منه ، ولم يمنعهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من ذلك حين فتح مكة إلى نزول براءة.
(٢) موضع بالقرب من مكة او منى ، ويسمى جمعا لانه يجمع فيها بين المغرب والعشاء وهى ارض واسعة بين جبال دون عرفة إلى مكة ، وبها المشعر الحرام ، وهو الجبل الصغير ، في وسطها يقف الامام ، وعليه مسجد يصلى به الصبح ويقف به ثم يسير إلى منى بعد طلوع الفجر.
(٣) في المصدر : هذه الايات.
(٤) * أقول سيأتى معناه في البيان وليس بشيئ والصحيح أن الحمس احكام ابتدعتها قريش لنفسهم ودانت بها بعض القبائل كخزاعة وكنانة منها : ترك الوقوف بعرفات والا فاضة منها راجع سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٩. ( ب ) وفى نسخة : الجمع ، وهو المزدلفة.
(٦) في المصدر : من كل عهد.