قال قال لي هشام بن الحكم كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد الله عليهالسلام أشياء فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها وقيل له إنه خارج بمكة فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله فصادفنا ونحن مع أبي عبد الله عليهالسلام في الطواف وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد الله فضرب كتفه كتف أبي عبد الله عليهالسلام فقال له أبو عبد الله عليهالسلام ما اسمك فقال اسمي عبد الملك قال فما كنيتك قال كنيتي أبو عبد الله فقال له أبو عبد الله عليهالسلام فمن هذا الملك الذي أنت عبده أمن ملوك الأرض أم من ملوك
______________________________________________________
قوله : كان بمصر زنديق : قال في القاموس الزنديق بالكسر من الثنوية القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو هو معرب زن دين ، أي دين المرأة « انتهى » وقيل : إنه معرب زنده لأنهم يقولون بدوام الدهر ، وقيل : معرب زندي منسوب إلى زند كتاب زردشت ، والظاهر أن المراد به هنا من لا يقر بالصانع تعالى.
قوله : أشياء : أي مما يدل على كمال علمه واحتجاجه على الزنادقة وغيرهم وعجزهم عن مقاومته.
قوله : بمكة : أي مقيما بها ، أو الباء بمعنى « إلى » وقوله عليهالسلام كتفه ، منصوب بنزع الخافض ، أي بكتفه.
قوله عليهالسلام فمن هذا الملك : لعله عليهالسلام سلك في الاحتجاج عليه أولا مسلك الجدال ، لكسر سورة إنكاره ، ثم نزله عن الإنكار إلى الشك ، ثم أقام البرهان له عملا بما أمر الله تعالى به نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله : ( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) فهذا هو الجدال لابتنائه على ما هو المشهور عند الناس من أن الاسم مطابق للمسمى ، ويحتمل أن يكون على سبيل المطايبة والمزاح لبيان عجزه عن فهم الواضحات ، وقصوره عن رد أو هن الشبهات ، ويمكن أن يكون منبها على ما ارتكز في العقول من الإذعان بوجود الصانع وإن أنكروه ظاهرا للمعاندة والأغراض الفاسدة ، لأن كل
__________________
(١) سورة النحل : ١٢٥.