حتى قام خطيبا فقال أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ثم كذب عليه من بعده وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج
______________________________________________________
موافقا لما سمعه واقعا مع علمه به ، ووهما بفتح الهاء مصدر قولك : وهمت بالكسر أي غلطت وسهوت ، وقد روي وهما بالتسكين مصدر وهمت بالفتح ، إذا ذهب وهمك إلى شيء وأنت تريد غيره ، والمعنى متقارب ، والمراد ما شك فيه ولم يستيقن أو سها وإن تيقنه عند الرواية.
قوله عليهالسلام قد كثرت على الكذابة : بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثرت علي كذبة الكذابين ، ويصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب ، والتاء للتأنيث أي الأحاديث المفتراة ، أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب ، والتاء لزيادة المبالغة ، والمعنى كثرت على أكاذيب الكذابة أو التاء للتأنيث ، والمعنى كثرة الجماعة الكذابة ولعل الأخير أظهر ، وعلى التقادير الظاهر أن الجار متعلق بالكذابة ، ويحتمل تعلقه بكثرت على تضمين أجمعت ونحوه ، وهذا الخبر على تقديري صدقه وكذبه يدل على وقوع الكذب عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله عليهالسلام : فليتبوأ ، صيغته الأمر ومعناه الخبر ، كقوله تعالى ( قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ) (١).
قوله عليهالسلام ثم كذب عليه : على بناء المجهول و « من بعده » بكسر الميم أو على بناء المعلوم وفتح الميم اسم موصول.
قوله عليهالسلام متصنع بالإسلام : أي متكلف ومتدلس به غير متصف به في نفس الأمر.
قوله عليهالسلام لا يتأثم : أي لا يكف نفسه عن موجب الإثم أو لا يعد نفسه آثما بالكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذا قوله : لا يتحرج من الحرج بمعنى الضيق ، أي
__________________
(١) سورة مريم : ٧٥.