كان ، وحتى أفضى الأمر إلى قتل عثمان ، وكان أعظم الأسباب في قتله طلحة ، وكان لا يشك في أن الأمر له بعده (١) لوجوه ، منها سابقته ، ومنها أنه كان (٢) ابن عم أبي بكر ، وكان لأبي بكر في نفوس أهل ذلك العصر منزلة عظيمة أعظم منها الآن ، ومنها أنه كان سمحا جوادا ، وقد كان نازع عمر في حياة أبي بكر ، وأحب أن يفوض أبو بكر الأمر إليه (٣) فما زال يفتل في الذروة (٤) والغارب في أمر عثمان ، وينكر له القلوب ، ويكدر عليه النفوس ، ويغري (٥) أهل المدينة والأعراب وأهل الأمصار به ، وساعده الزبير ، وكان أيضا يرجو الأمر لنفسه ، ولم يكن رجاؤهما الأمر بدون رجاء علي (ع) ، بل رجاؤهما كان أقوى ، لأن عليا (ع) دحضه الأولان وأسقطاه وكسرا ناموسه بين الناس ، وصار نسيا منسيا ، ومات الأكثر ممن كان يعرف (٦) خصائصه التي كانت له (٧) في أيام النبوة وفضله ، ونشأ قوم لا يعرفونه ولا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين ، ولم يبق له من فضائله (٨) إلا أنه ابن عم الرسول صلى الله عليه [ وآله ] وزوج ابنته وأبو سبطيه ، ونسي ما وراء ذلك (٩) ، واتفق له من بغض قريش وانحرافها ما لم يتفق لأحد ، وكانت قريش (١٠) تحب طلحة والزبير ، لأن الأسباب الموجبة لبغضهم لم تكن موجودة فيهما ، وكانا يتألفان قريشا في أواخر أيام عثمان
__________________
(١) في شرح النهج : من بعده.
(٢) لا توجد : كان ، في المصدر.
(٣) زيادة : من بعده ، جاءت في الشرح بعد : إليه.
(٤) الذروة ـ بالكسر والضم ـ من كل شيء : أعلاه ، كما في الصحاح ٦ ـ ٢٣٤٥ ، والنهاية ٢ ـ ١٥٦ ، ومجمع البحرين ٣ ـ ٣٠٦ ، والقاموس ١ ـ ١٥.
(٥) في ( ك ) نسخة بدل : يغوي.
(٦) في المصدر : ممن يعرف.
(٧) لا توجد : له ، في الشرح.
(٨) في المصدر : مما يمت به ، بدلا من : من فضائله.
(٩) جاءت زيادة كلمة : كله ، في المصدر.
(١٠) في المصدر زيادة : بمقدار ذلك البعض.