الأرض. فقال بعضهم : رأينا لرأيك تبع. وقال بعضهم : لا تفعل ، فإنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وله حق ، فما منهم أحد أدى الذي عليه ، فبينا هم كذلك إذ جاء علي بن أبي طالب عليه السلام يتوكأ على عصى سترا فسلم عليه ونظر ولم يجد مقعدا فاعتمد على عصاه ، فما أدري أتخلف عهد أم يظن به غير ذلك ، ثم قال علي عليه السلام : فيما أرسلتم إلينا؟. قال عثمان : أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي فاجمع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر. قال علي عليه السلام : ولله الحمد ، أما إنكم لو استشرتمونا لم نألكم نصيحة. فقال عثمان : إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الذي قد كذب على نبينا ، وطعن في ديننا ، وخالف رأينا ، وضغن قلوب المسلمين علينا ، وقد رأينا أن نقتله أو نصلبه أو ننفيه من الأرض.
قال علي عليه السلام : أفلا أدلكم على خير من ذلكم وأقرب رشدا؟ تتركونه بمنزلة مؤمن آل فرعون ( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (١). قال له عثمان : بفيك التراب!. فقال له علي عليه السلام : بل بفيك التراب ، وسيكون به. فأمر بالناس فأخرجوا.
وعنه في تاريخه بإسناده ، عن عبد الرحمن بن معمر ، عن أبيه ، قال : لما قدم بأبي ذر من الشام إلى عثمان كان مما أبنه (٢) به أن قال : أيها الناس! إنه يقول إنه خير من أبي بكر وعمر. قال أبو ذر : أجل أنا أقول ، والله لقد رأيتني (٣) رابع أربعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أسلم غيرنا ، وما أسلم أبو بكر ولا عمر ، ولقد وليا وما وليت ، ولقد ماتا وإني لحي. فقال علي عليه السلام : والله لقد رأيته وإنه
__________________
(١) غافر : ٢٨.
(٢) قال في القاموس ٤ ـ ١٩٤ : أبنه بشيء يأبنه ويأبنه : اتهمه .. وأبنه تأبينا : عابه.
(٣) في مطبوع البحار : أرأيتني.