وقال ابن الأثير في الكامل (١) : إن كثيرا من الأصحاب عابوا عليه ما صنع بمنى ، قال : وفي سنة تسع وعشرين حج عثمان فضرب فسطاطه بمنى وكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى وأتم الصلاة بها وبعرفة ، وكان أول ما تكلم به الناس في عثمان ظاهرا حين أتم الصلاة بمنى ، فعاب ذلك غير واحد من الصحابة ، وقال له علي (ع) : ما حدث أمر ولا قدم عهد ، ولقد عهدت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين وأنت صدرا من خلافتك ، فما أدري ما ترجع إليه؟ (٢) ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأبي بكر وعمر وصليتهما (٣) أنت ركعتين؟. قال : بلى! ولكني أخبرت أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا إن الصلاة للمقيم ركعتان ، واحتجوا بصلاتي وقد اتخذت بمكة أهلا ولي بالطائف مال ، فقال عبد الرحمن : ما في هذا عذر ، أما قولك اتخذت بها أهلا فإن زوجك بالمدينة تخرج بها إذا شئت وإنها (٤) تسكن بسكناك ، وأما مالك بالطائف ، فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال ، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ينزل عليه الوحي والإسلام قليل ثم أبو بكر وعمر فصلوا ركعتين ، وقد ضرب الإسلام بجرانه (٥). فقال : أعمله بما أرى (٦). فخرج من عنده فلاقى ابن مسعود ، فقال : والخلاف شر (٧) ، وقد صليت بأصحابي أربعا. فقال عبد الرحمن :
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ٣ ـ ٥١ [ دار الكتاب العربي ـ بيروت ] ٣ ـ ٤٢ ، بتصرف واختصار.
(٢) هنا سقط لا يتم الكلام إلا به ، حيث جاء في المصدر : ما يرجع إليه ، فقال : رأي رأيته ، وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف وكان معه ، فجاءه فقال له : ..
(٣) في الكامل : وعمر ركعتين وصليتها ..
(٤) في المصدر : وإنما.
(٥) قال في النهاية ١ ـ ٢٦٣ : ضرب الحق بجرانه .. أي قر قراره واستقام ، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض ، والجران : باطن العنق.
(٦) في الكامل : فقال عثمان : هذا رأي رأيته.
(٧) هنا سقط ، وجاء في المصدر : فقال : أبا محمد! غير ما تعلم. قال : فما أصنع؟. قال : اعمل بما