حجة على رجحان هذه المآتم ، واستحبابها شرعاً ، فإنّ أقوال أئمة الهدى من أهل البيت عليهمالسلام وأفعالهم وتقريرهم ، حجة بالغة لوجوب عصمتهم بحكم العقل والنقل ، كما هو مقرّر في مظانه من كتب المتكلّمين من أصحابنا ، والتفصيل في كتابنا « سبيل المؤمنين » (١).
على انّ الاقتداء بهم في هذه المآتم وغيرها لا يتوقّف ـ عند الخصم ـ على عصمتهم ، بل يكفينا فيه ما اتّفقت عليه الكلمة من إمامتهم في الفتوى ، وانّهم في أنفسهم لا يقصرون عن الفقهاء الأربعة ، والثوري ، والأوزاعي ، وأضرابهم علماً ولا عملاً.
وانت تعلم انّ هذه المآتم لو ثبتت عن أبي حنيفة ، أو صاحبيه أبي يوسف والشيباني مثلا ، لاستبق الخصم إليها ، وعكف أيّام حياته عليها ، فلما ينكرها علينا ، ويندّد بها بعد ثبوتها عن أئمة أهل البيت يا منصفون؟!
أتراه يرى في أئمة الثقلين أمرا يقتضي الإعراض عنهم ، أو يجد فيهم شيئا يستوجب الانكار على الأخذ بمذهبهم ، أو انّ هناك أدلّة خاصة تقتصر الإمامة في الفتوى على أئمة خصومنا ولا نبيح الرجوع إلى غيرهم.
كلا ، انّ واقع الأمر وحقيقة الحال بالعكس.
هذا حديث الثقلين (٢) المجمع على صحّته واستفاضته ، قد أنزل العترة منزلة الكتاب ، وجعلها قدوة لاولي الالباب ، فراجعه في باب فضائل عليّ من صحيح
__________________
١ ـ أقول : كتاب « سبيل المؤمنين » ـ في الإمامة ـ من كتب العلّامة شرف الدين رحمهالله المهمّة ، وكان من ضمن الكتب المحترقة عندما أحرق الفرنسيون مكتبته العامرة في صور.
٢ ـ تقدّمت تخريجاته.