جبرئيل : انّ اُمّتك ستفتتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك ، ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء ، وقال في هذه يقتل ابنك اسمها الطف ، قال : فلمّا ذهب جبرئيل ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أصحابه والتربة بيده ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وعليّ ، وحذيفة (١) ، وعثمان (٢) ، وأبو ذر ، وهو يبكي فقالوا : ما يبكيـك يا رسول الله؟!
فقال : أخبرني جبرئيل : إنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، وجاءني بهذه التربة ، فأخبرني إنّ فيها مضجعه. (٣)
__________________
١ ـ حذيفة بن اليمان ، من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله ، وكان من المنقطعين إلى أمير المؤمنين عليهالسلام والعارفين بحقّه.
روى الحاكم في المستدرك ( ٣ : ٤٢٨ ح ٥٦٢٦ ) ... قال : لمّا حضر حذيفة الموت وكان قد عاش بعد عثمان أربعين ليلة قال لنا : أوصيكم بتقوى الله والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٢ ـ في المصدر : وعمّار.
٣ ـ أعلام النبوّة : ٨٣ ، وانظر : كامل الزيارات : ٦١ ، أمالي الطوسي ١ : ٣٢١ ـ ٣٢٤ ، المنتخب للطريحي : ٦٣ و ٨٨ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ـ ترجمة الإمام الحسين ـ : ١٦٧ و ١٨٣ ، تاريخ أبي الفداء ٢ : ٤٨ ، أخبار النحويين للسيرافي : ٨٩ ـ ٩٣ ، الكامل لابن الأثير ٥ : ٣٦٤ ، تاريخ ابن كثير ١١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، تذكرة الحفّاظ للذهبي ٢ : ١٦٤.
أقول : ولا بدّ أن يكون الصحابة لمّا رأوا رسول الله صلىاللهعليهوآله يبكي لقتل ولده وتربته بيده ، وأخبرهم بما أخبره به جبرئيل من قتله ، وأراهم تربته التي جاء بها جبرئيل ، أخذتهم الرقّة الشديدة ، فبكوا لبكائه ، وواسوه في الحزن على ولده ، فإنّ ذلك ممّا يبعث على أشد الحزن والبكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبي صلىاللهعليهوآله والصحابة فكيف بهم معه؟! والظاهر انّ هذا أول مأتم أقيم على الحسين عليهالسلام يشبه مآتمنا التي تقام عليه ، وكان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والمستمعون أصحابه.