يا زهير إن أبا عبد الله الحسين عليهالسلام بعثني إليك لتأتيه.
فطرح كلّ انسان منّا ما في يده حتى كأنّ على رؤوسنا الطير ، فقالت له امرأته ـ وهي ديلم بنت عمر (١) ـ : سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه؟! فلو أتيته فسمعت من كلامه.
فمضى إليه زهير فما لبث ان جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فحوّل إلى الحسين عليهالسلام. ثم قال لامرأته :
أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فانّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلا خيراً ، وقد عزمت على صحبة الحسين عليهالسلام لأفديه بروحي ، وأقيه بنفسي ، ثم أعطاها ما لها وسلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إلى أهلها.
فقامت إليه وبكت وودّعته وقالت : خسار الله لك ، اسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين عليهالسلام.
ثم قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلا فهو آخر العهد بي.
انّي سأحدّثكم حديثاً : إنّا غزونا البحر ففتح الله علينا ، وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسي (٢) :
__________________
١ ـ أو ديلم بنت عمرو ، وهي التي قامت لغلام لزهير بعد شهادته : انطلق فكفّن مولاك ، قال : فجئت فرأيت حسيناً ملقى ، فقلت : أكفن مولاي وأدع حسيناً! فكفنت حسيناً ، ثم رجعت فقلت ذلك لها ، فقالت : أحسنت ، وأعطتني كفناً آخر ، وقالت : انطلق فكفن مولاك ففعلت.
انظر : أعلام النساء المؤمنات : ٣٤١ ، ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات ، المطبوع في مجلة تراثنا ، العدد ١٠ ص ١٩٠.
٢ ـ سلمان الفارسي : صحابي أشهر من أن يعرّف ، ومن الأربعة الذين أمر الله تعالى نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله بحبّهم ، وقال فيه صلىاللهعليهوآله : « سلمان منّا أهل البيت » ، وحاله في الولاء لأمير المؤمنين عليهالسلام مشهور. انظر : أسد الغابة ٢ : ٤١٧.