وبايعه الناس حتى بايعه منهم ثمانية عشر الفاً.
فكتب مسلم إلى الحسين بذلك ، وطلب منه القدوم عليهم.
وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل ، حتى علم النعمان بن بشير بذلك ـ وكان والياً على الكوفة من قبل معاوية فأقرّه يزيد عليها ـ وعلم بمكان مسلم فلم يتعرّض له بسوء.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي حليف بني امية فقال له : إنّه ما يصلح ما ترى أيّها الأمير الا الغشم ـ أيّ الظلم ـ وانّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك لرأي المستضعفين.
وكتب إلى يزيد كتاباً فيه : أنّ مسلم بن عقيل قدم الكوفة وبايعت الشيعة للحسين ، فان يكن لك فيها حاجة فابعث إليها قويّاً ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك ، فانّ النعمان رجل ضعيف أو هو يتضعّف.
ثم كتب كل من عمارة بن عقبة وعمر بن سعد ينحو من ذلك.
وبعد وصول كتبهم إلى يزيد كتب إلى عبيد الله بن زياد ـ وكان والياً على البصرة (١) ـ بأنّه قد ولاه الكوفة وضمّها إليه ، وعرّفه أمر مسلم بن عقيل وشدّد عليه في تحصيله وقتله.
فأسرع اللعين إلى الكوفة ، واستخلف أخاه عثمان على البصرة ، وكان دخوله إلى الكوفة ليلاً ، فظنّ أهلها أنّه الحسين عليهالسلام فتباشروا بقدومه ودنوا منه ، فلمّا عرفوا أنّه ابن مرجانة تفرّقوا عنه. فدخل قصر الامارة وبات فيه إلى الغداة ، ثم خرج فأبرق وأرعد ، ووعد وتوعّد.
فلمّا سمع مسلم بن عقيل بذلك خاف على نفسه ، فقصد هاني بن عروة
__________________
١ ـ البصرة بلدة اسلامية بنيت في خالفة عمر في السنة ١٨ من الهجرة ، سمّيت بذلك لأنّ البصرة الحجارة الرخوة ، وهي كذلك ، فسمّيت بها ، والبصرتان : البصرة والكوفة. مجمع البحرين ٣ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.