الناقد البصير ، فلذا لا نسود بإيرادها الطوامير.
الآية الثانية : قوله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) (١).
وجه الدلالة ، هو أن المتبادر من قوله تعالى ـ ورثه ـ ، أنه ورث ماله (٢) كما سبق في الآية المتقدمة ، فلا يعدل عنه إلا لدليل.
وأجاب قاضي القضاة في المغني (٣) : بأن في الآية ما يدل على أن المراد وراثة العلم دون المال ، وهو قوله تعالى : ( وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) (٤) فإنه يدل على أن الذي ورث هو هذا (٥) العلم وهذا الفضل ، وإلا لم يكن لهذا تعلق بالأول.
وقال الرازي في تفسيره : لو قال تعالى : ورث سليمان داود ماله ، لم يكن لقوله تعالى : ( وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) (٦) معنى ، وإذا قلنا ورث مقامه من النبوة والملك حسن ذلك ، لأن علم منطق الطير يكون داخلا في جملة ما ورثه ، وكذلك قوله : ( وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) (٧) لأن وارث العلم يجمع ذلك ووارث المال لا يجمعه ، وقوله : ( إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) (٨) يليق أيضا بما ذكر دون المال الذي يحصل للكامل والناقص ، وما ذكره الله تعالى من جنود سليمان بعده لا يليق إلا بما ذكرنا ، فبطل بما ذكرنا قول من زعم أنه لا يورث إلا المال ، فأما إذا ورث المال والملك معا فهذا لا يبطل بالوجوه الذي ذكرنا ، بل بظاهرقوله صلىاللهعليهوآله : نحن معاشر الأنبياء لا نورث (٩).
__________________
(١) النمل : ١٦.
(٢) نقله عن الحسن في تفسير الفخر الرازي ٢٤ ـ ١٨٦ ، وفي مجمع البيان ٤ ـ ٢١٤.
(٣) المغني ، الجزء الأول المتمم للعشرين : ٣٣٠ ، بتصرف واختصار.
(٤) النمل : ١٦.
(٥) في المصدر : فنبه على أن الذي هو ورث هذا ..
(٦) النمل : ١٦.
(٧) النمل : ١٦.
(٨) النمل : ١٦.
(٩) كما جاء في تفسير الفخر الرازي ٢٤ ـ ١٨٦.