وتمكنهم في سلوك الطرائق المذمومة ، وانتهاك محارم الله عز وجل ، وليس مثل ذلك من الشح والبخل.
فإن قيل : كما جاز الخوف على المال من هذا الوجه (١) جاز الخوف على وراثتهم العلم لئلا يفسدوا به الناس ويضلوهم ، ولا ريب في أن ظهور آثار العلم فيهم كان من دواعي اتباع الناس إياهم وانقيادهم لهم.
قلنا : لا يخلو هذا العلم الذي ذكرتموه من أن يكون هو كتبا علمية وصحفا حكمية ، لأن ذلك قد يسمى علما مجازا ، أو يكون هو العلم الذي يملأ القلوب وتعيه الصدور ، فإن كان الأول ، فقد رجع إلى معنى المال وصح أن الأنبياء عليهمالسلام يورثون الأموال ، وكان حاصل خوف زكريا عليهالسلام أنه خاف من أن ينتفعوا ببعض أمواله نوعا خاصا من الانتفاع ، فسأل ربه أن يرزقه الولد حذرا من ذلك ، وإن كان الثاني ، فلا يخلو ـ أيضا ـ من أن يكون هو العلم الذي بعث النبي لنشره وأدائه إلى الخلق ، أو أن يكون علما مخصوصا لا يتعلق لشريعة ولا يجب اطلاع الأمة عليه كعلم العواقب وما يجري في مستقبل الأوقات .. ونحو ذلك.
والقسم الأول : لا يجوز أن يخاف النبي من وصوله إلى بني عمه ـ وهم من جملة أمته المبعوث إليهم لأن يهديهم ويعلمهم ـ وكان خوفه من ذلك خوفا من غرض البعثة.
والقسم الثاني : لا معنى للخوف من أن يرثوه إذ كان أمره بيده ، ويقدر على أن يلقيه إليهم ، ولو صح الخوف على القسم الأول لجرى ذلك فيه أيضا ، فتأمل.
هذا خلاصة ما ذكره السيد المرتضى رضياللهعنه في الشافي عند تقرير هذا الدليل (٢) ، وما أورد عليه من تأخر عنه يندفع بنفس التقرير ، كما لا يخفى على
__________________
(١) لا توجد في (س) : من هذا الوجه.
(٢) الشافي ٢٢٩ ـ الحجرية ـ [ الطبعة الجديدة ٤ ـ ٦٣ ـ ٦٦ ].