ورد السيد المرتضى رضياللهعنه في الشافي (١) كلام المغني بأنه لا يمتنع أن يريد ميراث المال خاصة ، ثم يقول مع ذلك : إنا ( عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) (٢) ، ويشير بالفضل المبين (٣) إلى العلم والمال جميعا ، فله في الأمرين جميعا فضل على من لم يكن كذلك ، وقوله : ( وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) (٤) يحتمل المال كما يحتمل العلم فليس بخالص لما ظنه ، ولو سلم دلالة الكلام على العلم لما ذكره ، فلا يمتنع أن يريد أنه ورث المال بالظاهر ، والعلم بهذا النوع من الاستدلال فليس يجب إذا دلت الدلالة في بعض الألفاظ على المجاز أن نقتصر بها عليه ، بل يجب أن نحملها على الحقيقة ـ التي هي الأصل ـ إذا لم يمنع من ذلك مانع.
وقد ظهر بما ذكره السيد قدسسره بطلان قول الرازي أيضا (٥) ، وكان القاضي يزعم أن العطف لو لم يكن للتفسير لم يكن للمعطوف تعلق بما عطف عليه وانقطع نظام الكلام.
وما اشتهر (٦) من أن التأسيس أولى من التأكيد من الأغلاط المشهورة ، وكأن الرازي يذهب إلى أنه لا معنى للعطف إلا إذا كان المعطوف داخلا في المعطوف عليه ، فعلى أي شيء يعطف حينئذ قوله تعالى : ( وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) (٧)؟فتدبر.
وأما قوله : إن المال يحصل للكامل والناقص ، فلو حمل الميراث على المال لم يناسبه قوله : ( إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) (٨).
فيرد عليه أنه إنما يستقيم إذا كانت الإشارة إلى أول الكلام فقط ـ وهو وراثة المال ـ وبعده ظاهر ، ولو كانت الإشارة إلى مجموع الكلام ـ كما هو الظاهر ـ أو إلى
__________________
(١) الشافي ٢٣٢ ـ حجرية ـ [ الطبعة الجديدة ٢ ـ ٧٩ ] بتصرف واختصار.
(٢) النمل : ١٦.
(٣) النمل : ١٦.
(٤) النمل : ١٦.
(٥) في تفسيره الكبير ٢٤ ـ ١٨٦.
(٦) وما اشتهر عطف على اسم ( أن ) أعني العطف ، ويكون المعنى : كان القاضي يزعم أن ما اشتهر ..
(٧) النمل : ١٦.
(٨) النمل : ١٦.