إذ فقدت أبابكر وعمر (١) ، ثم لم ألبث حتى إذا أنا ، بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة ، وهم محتجزون بالازر الصنعانية ، لا يمر بهم أحد إلا خبطوه ، فاذا عرفوه مدوا يده على يد أبي بكر شاء ذلك أم أبى ، فأنكرت عند ذلك عقلي جزعا منه ، مع المصيبة برسول الله (ص) ، فخرجت مسرعا حتى أتيت المسجد ثم أتيت بني هاشم والباب مغلق دونهم ، فضربت الباب ضربا عنيفا ، وقلت : يا أهل البيت فخرج إلى الفضل بن العباس ، فقلت : قد بايع الناس أبابكر ، فقال العباس : قد تربت أيديكم منها آخر الدهر أما إني قد أمرتكم فعصيتموني (٢).
____________________
(١) في النهج ١ / ٧٤ : فانى كذلك اذ فقدت اباكر وعمر ، واذا قائل يقول : القوم في سقيفة بنى ساعدة ، واذا قائل آخر يقول : قد بويع أبوبكر ، فلم ألبث الخ.
(٢) فأول ما أشار بذلك إلى على عليهالسلام قبل رحلته ص روى ابن هشام في السيرة ٢ / ٦٥٤ والطبرى في تاريخه ٣ / ١٩٣ ، والبيهقى في سننه ٨ / ١٤٩ نقلا عن البخارى و ابن كثير في تاريخه ٥ / ٢٥١ وابن سعد في طبقاته ٢ ق ٢ / ٣٨ كلهم بالاسناد عن ابن عباس قال : خرج يومئذ على بن أبيطالب على الناس من عند رسول الله فقال له الناس : يا أبا حسن! كيف أصبح رسول الله؟
قال : أصبح بحمد الله بارئا ، قال : فأخذ العباس بيده ثم قال : يا على! أنت والله عبد العصا بعد ثلاث ، أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله كما كنت أعرفه في وجوه بنى عبدالمطلب ، فانطلق بنا إلى رسول الله فان كان هذا الامر فينا عرفناه ، وان كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا الناس ، قال : فقال له على : انى والله لا أفعل ، والله لئن متعناه لا يؤتيناه أحد بعده ، فتوفى رسول الله ص حين اشتد الضحاء من ذلك اليوم.
أقول : اما على بن أبيطالب عليه الصلاة والسلام ، فقد كان رسول الله ص نذر اليه بأن الامة ستغدر به وأن الامر لا يصل اليه الا بعد ثالث ثلاثة ، بل وقد كان يعرف جزئيات الامر وما سيقع في الامة المرحومة!! حذو النعل بالنعل ، بل وقد كان عرف (ع) حين نزل قوله تعالى « الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون » أن الفتنة لا تنزل و