ابن عازب (١) يقول : كنت أحب بنى هاشم حبا شديدا في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعد وفاته ، فلما قبض رسول الله (ص) أوصى عليا عليهالسلام أن لا يلى غسله غيره ، وأنه لا ينبغي لاحد أن يرى عورته غيره ، وأنه ليس أحد يرى عورة رسول الله صلىاللهعليهوآله إلا ذهب بصره ، فقال علي عليهالسلام : يا رسول الله فمن يعينني على غسلك؟ قال جبرئيل عليهالسلام في جنود من الملائكة ، فكان علي عليهالسلام يغسله والفضل بن العباس مربوط العينين يصب الماء ، والملائكة يقلبونه له كيف شاء ، ولقد أراد علي عليهالسلام أن ينزع قميص رسول الله صلىاللهعليهوآله فصاح به صايح « لا تنزع قميص نبيك يا علي » فأدخل يده تحت القميص فغسله ثم حنطه وكفنه ثم نزع القميص عند تكفينه وتحنيطه (٢).
قال البراء بن عازب : فلما قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله تخوفت أن يتظاهر قريش على إخراج هذا الامر من بني هاشم ، فلما صنع الناس ما صنعوا من بيعة أبي بكر ، أخذني ما يأخذ الواله الثكول ، مع ما بي من الحزن لوفاة رسول الله (ص) فجعلت أتردد وأرمق وجوه الناس ، وقد خلا الهاشميون برسول الله صلىاللهعليهوآله لغسله وتحنيطه ، وقد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة ومن اتبعه من جملة أصحابه فلم أحفل بهم وعلمت أنه لا يؤل إلى شئ.
فجعلت أتردد بينهم وبين المسجد ، وأتفقد وجوه قريش ، وكأني لكذلك
____________________
(١) روى هذا الحديث ابن ابى الحديد في شرحه على النهج تارة ج ١ / ٧٣ ـ ٧٤ مرسلا ( عند قوله عليهالسلام شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة ) وتارة اخرى ج ١ ص ٣٢ باسناده عن كتاب السقيفة لعبد العزيز الجوهرى قال : حدثنى المغيرة بن محمد المهلبى من حفظه وعمر بن شبه من كتابه باسناد رفعه إلى أبى سعيد الخدرى قال : سمعت البراء بن عازب يقول ... وقد مر بعض نصوصه فيما مضى ذيل هذا الجزء وسنشير إلى بعض الاختلاف بعد ذلك انشاء الله تعالى.
(٢) لم يذكر حديث التغسيل والتدفين في شرح النهج بل ساق الحديث هكذا : قال البراء بن عازب لم أزل لبنى هاشم محبا فلما قبض ...