وبدا واضحاً خلال تلك الفترة العاصفة ان بغا الشرابي أو بغا الصغير هو الحاكم الحقيقي بالرغم من استبسال المنتصر في استعادة قدرة الحكم ..
وكانت الأمور تجري وفقاً لأهواء القادة الاتراك الذين كانوا يلاحقون شخصيات العهد البائد ..
وكان بعض الاشخاص يختفون في ظروف غامضة ولا يعرف أحد عن مصيرهم حتى « محبوبة » جارية المتوكل الأثيرة لم تسلم من التصفيات فقد استدعيت للغناء فرفضت فاجبرت على ذلك لكنها غنت بلحن حزين وذكرت ليلة اغتيال سيدها ، فأصدر وصيف أمراً بسجنها.
وانقطعت اخبارها من ذلك الوقت (١٢)!
وفي تلك المدينة التي نسى أهلها الله كان الامام الهادي ينظر الى الأفق البعيد ويرى حمرة الشفق الملتهب .. ويرى سحباً داكنة قادمة .. سوف تغمر الظلمات الأرض .. وقوافل البشر الحائرة وقد تاهت بها السبل .. وفيما كانت أصوات الغناء والموسيقى تتسرب من نوافذ القصور .. كانت تمتمات الدعاء تتعالى من منزل في « درب الحصا » حيث يقطن الامام منذ خمسة عشر عاماً.
عاد كافور الخادم متعباً وقد دفعته نفحات الهواء البارد في تلك الليلة التي اشتد فيها هبوب الرياح الشمالية ، الى أن يدس نفسه في الفراش ..