خديه(١) على راحته ، والريح يضرب طرف الثوب على وجه علي عليهالسلام ، قال : والناس على الباب وفي المسجد ينتحبون ويبكون ، وإذا سمعنا صوتا في البيت : إن نبيكم طاهر مطهر فادفنوه ولا تغسلوه ، قال : فرأيت عليا عليهالسلام حين رفع رأسه فزعا فقال : اخسأ عدو الله ، فإنه أمرني بغسله وكفنه ودفنه ، وذاك سنة ، قال : ثم نادى مناد آخر غير تلك النغمة : يا علي بن أبي طالب استر عورة نبيك ، ولا تنزع القميص(٢).
٥٤ ـ نهج : إلا إن لي في التأسي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك موضع تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، إنا لله وإنا إليه راجعون(٣).
٥٥ ـ نهج : من كلام له عليهالسلام قاله وهو يلي غسل رسول الله (ص) وتجهيزه : بأبي أنت وامي لقد انقطع بموتك مالم ينقطع بموت غيرك من النبوة والانبآء وأخبار السمآء خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك ، وعممت حتى صار الناس فيك سوآء ، ولو لا أنك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع لانفدنا(٤) عليك مآء الشؤن ولكان الدآء مماطلا ، والكمد محالفا ، وقلالك ، ولكنه مالا يملك رده ، ولا يستطاع دفعه ، بأبي أنت وامي اذكرنا عند ربك ، واجعلنا من بالك(٥).
بيان : قوله عليهالسلام : مالم ينقطع ، إذ في موت غيره صلىاللهعليهوآله من الانبيآء كان يرجى نزول الوحي على غيره فأما هو صلىاللهعليهوآله فلما كان خاتم الانبيآء لم يرج ذلك. قوله عليهالسلام : خصصت ، أي في المصيبة ، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة بين المصائب حتى صار تذكرها مسليا عما سواها ، وعمت مصيبتك الانام بحيث لا يختص بها أحد دون غيره. قوله : لانفذنا ، أي أفنينا وأذهبنا حتى لا يبقى شئ
____________________
(١) الضميران راجعان إلى على عليهالسلام. منه رحمهالله.
(٢) تهذيب الاحكام ١ : ١٣٢.
(٣) نهج البلاغة القسم الاول : ٤١٧. والاية في البقرة : ١٥٦.
(٤) في المصدر : [ لانفذنا ] ولعله مصحف.
(٥) نهج البلاغة القسم الاول : ٤٩١ و ٤٩٢.