إن رجعوا أن تكون الغلبة للمسلمين ، وأن يكون قد التأم إليهم من كان تأخر عنهم ، وانضم إليهم غيرهم ، فدسوا نعيم بن مسعود الاشجعي حتى يصدهم بتعظيم أمر قريش ، وأسرعوا في الذهاب إلى مكة ، وكفى الله المسلمين أمرهم ، ولذلك قال قوم من المفسرين : إن جميعهم ثمانية آلاف ، وقال الحسن : إن جميعهم خمسة آلاف منهم ثلاثة آلاف المنزلين ، على أن الظاهر يقتضي أن الامداد بثلاثة آلاف كان يوم بدر(١) ، ثم استأنف حكم يوم أحد فقال : « بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا » أي إن رجعوا إليكم بعد انصرافكم « أمدكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين » وهذا قول البلخي ، رواه عن عكرمة(٢) ، قال : لم يمدوا يوم أحد ولا بملك واحد ، وعلى هذا فلا تنافي بين الآيتين « مسومين » أي معلمين ، أو مرسلين « وما جعله الله إلا بشرى لكم » أي ما جعل الله الامداد والوعد به إلا بشارة لكم « ولتطمئن قلوبكم به » فلا تخافوا كثرة عدد العدو « وما النصر إلا من عند الله » معناه إن الحاجة إلى الله سبحانه لازمة في المعونة وإن أمدكم بالملائكة فلا استغناء لكم عن معونته طرفة عين(٣).
وقال البيضاوي : وهو تنبيه على أنه لا حاجة في نصرهم إلى مدد ، وإنما أمدهم ووعد لهم(٤) بشارة لهم وربطا على قلوبهم من حيث أن نظر العامة إلى الاسباب أكثر وأحث على أن لا يبالوا بمن تأخر عنهم(٥).
« ليقطع طرفا من الذين كفروا ».
قال الطبرسي : اختلف في وجه اتصاله بما قبله ، فقيل : يتصل بقوله : « وما
___________________
(١) زاد في المصدر : لان قوله : « اذ تقول للمؤمنين » الاية ، يتعلق بقوله : « ولقد نصركم الله ببدر » الاية.
(٢) في المصدر : رواه عن عمرو بن دينار عن عكروة.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٤٩٩.
(٤) في المصدر : ووعد لهم به.
(٥) انوار التنزيل ١ : ٢٣١ فيه : وحث على ان لا يبالوا.