قلما سمعوا ذلك منه قال له هيوبا : يا فتى احبس عنا نبالك فقد أسرفت في فعالك ، ولقد قلت منا رجالا من غير ذنب ولا سبقة سبقت منا إليك ، ونحن قوم تجار ، ونحن الذين وقفت علينا بالامس مع أبيك ، وكان لنا عبد قد هرب منا ، فلما رأيناك أنكرناك ، فعند ما عرفناك أنك عبدالله فنحن ما لنا معك طلابة ، وأنك (١) لاعز الخلق علينا ، و أكرمهم لدينا ، فامض لسبيلك فقد سمحنالك بما فعلت فينا ، فقال لهم : يا ويلكم ما الذي تبين لكم مني أني عبدكم؟ فهل عبدكم مثلي ، أو صفته صفتي ، أوله نور كنوري؟ فقالوا له : إنما دخلنا الشك وأنت متباعد عنا ، فلما قربت منا وعرفناك ، فاسمح لنا بما كان منا إليك فإنا سمحنالك بما كان وإن كان وأعظم من ذلك أنك قتلت (٢) منا رجالا لا ذنب لهم ، ونحن حيث أكلنا طعام أبيك وشربنا شرابه فنحن لك (٣) شاكرون ، وأنت أولى بكتمان ما كان اليوم (٤) منا ، فلما سمع عبدالله كلامهم زعم أنه حق وهو خديقعة ، ثم إنه ركب جواده وأخذ قوسه وعطف إلى ناحية المضيق (٥) ، فلما رآه القوم قد أقبل عليهم يريد الخروج بادروا إليه بأجمعهم وجعلوا يرمونه بالحجارة وقاموا إليه بالسيوف ، فجعل يكر فيهم كرة بعد كرة ، فعند ذلك صاح فيهم هيوبا فتبادروا إلي أجمعهم وهو يكر فيهم يمينا وشمالا ، وكلما رمى رجل خر صريعا ونزل عبدالله عن فرسه واستند إلى المضيق ، وقد أقبلوا إليه من كل جانب يرمونه بالحجارة ، فبينماهم في المعركة وإذاهم برجال قد أقبلوا بأيديهم السيوف مشهورة وهم عراة مسرعون نحوهم ، فإذاهم بنوهاشم ، وأبوطالب (٦) وفتيان مكة وكان في أولهم أبوطالب وحمزة والعباس ، فعند
_________________
(١) انكم خ ل.
(٢) في المصدر : وان أعظم ما كان منك انك قتلت.
(٣) له خ ل.
(٤) في المصدر : ما كان اليوم واقع.
(٥) المضيق الاخر خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٦) بنو عبد مناف
خ ل وفي المصدر : فتأملوهم فاذاهم بنوهاشم وبنو عبد مناف وفتيان مكة.