ذل كناداه أبوه فقال (١) : يا بني هذا تأويل رؤياك من قبل ، فما استتم كلامه حتى أحاط بعبدالله إخوته وأقاربه.
قال البكري : وكان قد أخبرهم بالخبر رجل يقال له : وهب بن عبدمناف ، لانه أشرف عليهم في المعركة (٢) ، فهم أن ينزل فخاف على نفسه من كثرتهم ، فأتى إلى الحرم (٣) ونادى في بني هاشم (٤) ، فلما رآهم اليهود أيقنوا بالهلاك وقالوا لعبد الله : إنما أردنا أن نعلم حقيقة الحال ، فقال لهم عبدالله : هيهات لقد أجدهتم أنفسكم في هلاكي ، فهرب منهم جماعة والتجؤا إلى جبل وظنوا أنهم قد نجوا ، فإذا أتاهم أمر الله فسقط ليهم قطعة من الجبل فسدت (٥) عليهم المضيق فلم يجدوا مهربا ، ولحقهم عبدالمطلب و أصحابه ، والفرقة التي كانت من الجانب الآخر مع هيوبا قتلوا منهم اناسا كثيرة ، وقا جل منهم : دعونا نصل مكة وافعلوا فينا ما تريدون ، فإن لنا مع الناس أمتعة وأموالا كنّا قد أخفيناها وأنتم أحق بها ، خذها ولا تقتلونا ، فكتفوهم عن آخرهم ، وأقبلوابهم إلى مكة وأقبل عبدالمطلب على ولده يقبله ويقول : ( يا ولدي لو لا وهب بن عبد مناف أخبرنا بأمرك ما كنا علمنا ، ولكن الله تعالى يحفظك ) ، فلما أشرفوا على مكة خرج الناس يهنؤنهم بالسلامة ، وإذا باليهود مكتوفين ، فجعل جملة الناس يرمونهم الحجارة ، فقام لهم عبدالمطلب وقال : ارسلوا بهم (٦) إلى دار وهب حتى يستقصوا على أموالهم ، ولم يبق لهم شئ فأرسلوهم إلى دار وهب ، فلما كان في تلك الليلة أقبل وهب على زوجته برة بنت عبدالعزى وقال لها : يا برة لقد رأيت اليوم عجبا من عبدالله ما رأيته من أحد ، وهو بكر على هؤلاء القوم ، وكلما رماهم بنبلة قتل منهم إنسانا ، وهو أجمل الناس وجها مما (٧)
_________________
(١) وقال خ ل.
(٢) وهم في المعركة خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٣) فأقبل إلى الحرم خ ل.
(٤) في المصدر زيادة هى : فبادروا اليه بنو عبدالمطلب مسرعين.
(٥) فسد خ ل.
(٦) أرسلوا خ ل وكذلك في المصدر.
(٧) لما قد خصمه الله خ وفي المصدر : لما حصه الله به من النور الساطع والضياء اللامع.