لو اجتمعن أهل الارض إنسها وجنا لم يقدروا على شئ ، لانه وديعة من الله عزوجل لخاتم الانبياء ، وهاهنا أحبار اليهود من الشام وفيهم الحكمة والمعرفة فقم معي حتى أقص عليهم رؤياك ، فقبض عبدالمطلب على يد ولده عبدالله ودخلا عليهم ، فلما نظر إليه الاحبار وهو كأنه البدر المنير نظر بعضهم إلى بعض وقالوا : هذا الذي نطلبه ، فقال لهم عبدالمطلب : يا معاشر اليهود (١) جئنا إليكم نخبركم (٢) برؤيا رآها ولدي هذا ، فقالوا له : وماذا؟ فقص عليهم الرؤيا ، فزادهم حنفا عليه ، وقال له هيوبا : أيها السيد إنها أضغاث أحلام وأنتم سادات كرام ، ليس لكم معاند ولا مضاد ، ثم انصرف عبدالمطلب بولده وأقاموا بعد ذلك أياما يريدون الحيلة فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا ، وكان عبدالله مغما بالصيد (٣) ، وكان إذا خرج إلى الصيد لا يرجع إلا ليلا ، وكان يخرج مع أبيه فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا حتى خرج ذات يوم وحده (٤) فخرجوا ورائه من حيث لا يشعر بهم أحد (٥) ، فقال لهم هيوبا : ما انتظاركم وقد خرج الذي تطلبونه (٦)؟ فقالوا له : إنا نخاف من فتيان مكة (٧) وفرسان بني هاشم وهم لا يطاقون وقد ذلت لهم العمالقة وغيرهم (٨) ، ونخشى أن يشعروا بنا (٩) ، فلما سمع هيوبا مقالتهم قال : خاب سعيكم ، فإذا كنتم هكذا فما الذي أتى بكم إلى هاهنا؟ فلابد من قتل هذا الغلام ، ولو طال عليكم المقام ، ولم تجدوا يوما مثل هذا اليوم ، فإذا قتلناه وخفتم التهمة به (١٠) فعلي ديته ، وكانوا قد بعثوا عبدا من
_________________
(١) يا معاشر الاحبار خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٢) جئنا اليكم تخبرونا بما رآه ولدى في رؤياه خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٣) أى مولعا. وفي الهامش اضاف : والقنص خ ل قلت : القنص : الصيد.
(٤) فوجدوه وحده خ ل.
(٥) في المصدر : حتى خرج ذات يوم وحده فطمعوا فيه وخرجوا من حيث لا يشعر أح تفرقين.
(٦) في المصدر : فاخرجوا وجدوا السير حتى تظفروا به.
(٧) من فتيان حرم خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٨) في المصدر : وهم رجال لا يطاقونهم أحد ، وقد دانت لهم العمالقة ، وفزعت من سيوفهم الجبابرة.
(٩) في المصدر : فيخرجون وراءنا.
(١٠) في المصدر : فاتهمونا بقتله.