الزرقاء ما ذكرت ، وأمرت عبيدها ينادون (١) في شوارع مكة أن (٢) يجمعوا الناس ، فلم يبق أحد إلا وحضر وليمتها من أهل مكة ، فلما أكلوا وشربوا وعلمت أن القوم قد خالط عقولهم الشراب أقبلت إلى تكنا وقالت : قومي إلى حاجتك ، فقامت تكنا (٣) و جاءت بالخنجر ورشت في جوانبه السم ، ودخلت على آمنة فرحبت بها آمنة (٤) ، و سألتها عن حالها ، وقالت : يا تكنا ماعودتيني بالجفآء (٥) فقالت : اشتغلت بهمي و حزني ، ولو لا أياديكم الباسطة علينا لكنا بأقبح حال ، ولا أحد أعز علي منك ، هلمي (٦) يا بنية إلي حتى ازينك ، فجائت آمنة وجلست بين يدي تكنا ، فلما فرغت من تسريح شعرها عمدت إلى الخنجر وهمت أن تضربها به ، فحست تكنا كأن أحدا قبض (٧) على قلبها فغشى على بصرها ، وكأن ضاربا ضرب على يدها فسقط الخنجر من يدها إلى الارض ، فصاحت : واحزناه ، فالتفتت آمنة إليها وإذا الخنجر قد سقط من يدتكنا ، فصاحت آمنة فتبادرت النسوان إليها ، وقلن لها : مادهاك (٨)؟ قالت : يا ويلكن أما ترين ما جرى علي من تكنا ، ادت أن تقتلني بهذا الخنجر ، فقلت : يا تكنا ما أصابك؟ ويلك تريدين أن تقتلي آمنة على أي جرم؟ فقالت : يا ويلكن قد أردت قتل آمنة ، و الحمد لله الذي صرف عنها البلاء ، فقالت : الحمدلله على السلامة من كيدك يا تكنا ، فقالت لها النسآء : يا تكنا ما حملك على ذلك؟ قالت : لا تلوموني (٩) ، حملني طمع الدنيا الغرور ، ثم أخبرتهن بالقصة ، وقالت لهن : ويحكن دونكن الزرقاء اقتلنها قبل أن تفوتكن ، ثم سقطت ميتة ، فصاحت النسوان صيحة عالية ، فأقبل بنوهاشم إلى منزل آمنة ، فإذا
_________________
(١) أن ينادوا خ ل.
(٢) وأن يجمعوا خ ل.
(٣) هو وماقبله مصحف ، والصحيح : تكنى.
(٤) في المصدر : فلما رأتها آمنة رحبت بها.
(٥) في المصدر : وما تعودت منك هذا الجفاء.
(٦) في المصدر : ولا أجد ما أتقرب إلى بعلك الا بزينتك ، لما أعلم به من محبتك ، هلمى. (٧) كان قد خ ل.
(٨) أى ما أصابك من داهية؟.
(٩) لا تلممنى خ ل.