بتكنا (١) ميتة ، وقد تجلل نور آمنة ، ونظروا إلى الخنجر ، وحكوا (٢) لهم القصة ، فخرج أبوطالب ينادي : أدركوا الزرقاء وقد وصلها الخبر ، فخرجت هاربة فتبعها الناس من بني هاشم وغيرهم فلم يدركوها ولم يلحقوها ، فسمع أبوجهل ذلك فقال : وددت أنها قتلت آمنة ، ولكن حاد عنها أجلها ، وأرجوا بسطيح أن يعمل أحسن مما عملت الزرقاء ، فلما سمع سطيح بخبر الزرقاء أمر غلمانه أن يحملوه على راحلته ، وسافر إلى الشام (٣).
فلما ولد رسول الله (ص) لم يبق صنم إلا سقط (٤). وغارت يحيرة ساوة ، وفاض وادي سماوة ، وخمدت نيران فارس ، وارتج إيوان كسرى وهو جالس ، ووقع (٥) منه أربع عشرة شرفة ، فلما أصبح كسرى نظر إلى ذلك وهاله ، فدعا (٦) بوزرائه وقال لهم : ما هذا الذي حدث في هذه البلاد؟ فهل عندكم من علم؟ فقال المؤبذان : أيها الملك العظيم الشأن لقد رأيت إبلا صعابا تقودها ، خيل عراب ، وقد خاضت في الوادي ، وانتشرت في البلاد ، وماذاك إلا لامر عظيم ، فبينما هم كذلك إذا ورد عليهم كتاب بخمود النيران كلها ، فزادهم هما وغما ، ثم أتاه بعد ذلك خبر البحيرة والوادي (٧) ، فأقبل على المؤبذان فقال : إنا لا نعلم أحدا من العلمآء نسأله (٨) عن ذلك ، فقال المؤبذان : إنا نكتب إلى النعمان بن المنذر كتابا لعله يعرف أحدا يعلم ذلك ، فكتب إلى النعمان كتابا فأرسل إليه رجلا اسمه عبد المسيح ، وكان ابن اخت سطيح ، فقال له كسرى : هل عندك علم مما أريد أن أسألك عنه؟ فقال : لا ، ولكن لي خال اسمه سطيح ، ويسكن في مشارف الشام ، يعرف خبرك ، ويعرف ما تريد ، فقال له كسرى : اخرج إليه واسأله عما اريد أن أسألك عنه ،
_________________
(١) تقدم مكررا أن الصحيح : تكنى وكذا فيما قبلها.
(٢) وحكين خ ل صح.
(٣) حتى لحق بها خ.
(٤) في المصدر : الا وأصبح مكبوبا على وجهه.
(٥) في المصدر : وانشق ووقع.
(٦) في المصدر : فهاله ودعا.
(٧) في المصدر : بحيرة بالوادى.
(٨) في المصدر : أحدا عالما نسأله.