فيها أنه هم أن يحل التكة. (١) وعن ابن عباس رضياللهعنه قال : حل الهميان (٢) وجلس منها مجلس الخائن ، وعنه أيضا أنها استلقت له وقعد هو بين رجليها ينزع ثيابه. ثم إن الواحدي طول في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب ، وما ذكر آية يحتج بها ، أو حديثا (٣) صحيحا يعول عليه في تصحيح هذه المقالة ، ولما أمعن في الكلمات العارية عن الفائدة روى أن يوسف لما قال : « ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب » قال له جبرئيل : ولا حين هممت يا يوسف؟ فقال يوسف عند ذلك : « وما ابرئ نفسي » ثم قال : والذين أثبتوا هذا العمل ليوسف كانوا أعرف بحقوق الانبياء وارتفاع منازلهم عند الله من الذين نفوا لهم عنه! (٤) فهذا خلاصة كلامه في هذا الباب.
والقول الثاني أن يوسف عليهالسلام كان بريئا من العمل الباطل والهم المحرم ، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين وبه نقول وعنه نذب.
واعلم أن الدلائل الدالة على وجوب عصمة الانبياء عليهمالسلام كثيرة استقصيناها في سورة البقرة في قصة آدم عليهالسلام فلا نعيدها إلا أنا نزيد ههنا وجوها :
فالحجة الاولى : إن الزنا من منكرات الكبائر ، والخيانة من معرض الامانة من منكرات الذنوب ، وأيضا مقابلة الاحسان العظيم الدائم بالاساءة الموجبة للفضيحة الباقية والعار الشديد من منكرات الذنوب ، وأيضا الصبي إذا تربى في حجر إنسان وبقي مكفي المؤونة مصون العرض من أول صباه إلى زمان شبابه وكمال قوته فإقدام هذا الصبي على
__________________
(١) والخبر كغيره من الاحاد التى لا يوجب علما ولا عملا وهو مخالف لاصول الشيعة بل لظاهر الكتاب ، فلو كان ورد بطريق صحيح لكان وجب حمله أو طرحه فكيف وهو مرسل ورد من غير طريقنا.
(٢) الهميان : شداد السراويل أو التكة.
(٣) في المصدر : ولا حديث.
(٤) انظر كيف عرفوا حقوق الانبياء وارتفاع منازلهم عند الله وهم نسبوهم إلى ما لاينسب إليه آحاد الامة ، وما لا يفعله الا الفساق من الرعية ، وهل يبقى لو ثبتت تلك النسب مجال لدعوى وجوب اتباعهم والوثوق باقوالهم وقبول شهاداتهم؟ وهل يجب نهيهم عنها واقامة الحدود عليهم؟ وفي اثبات ذلك العمل وامثاله لهم محاذير عظيمة ذكرها المصنف في باب عصمة الانبياء ، ويذكر بعضها الرازى بعد ذلك.