جعل لهذه الناقة شرب يوم ولم شرب يوم ، فكانت الناقة إذا شربت يومها شربت الماء كله فيكون شرابهم ذلك اليوم من لبنها فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومه ذلك ، فإذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم فشربواهم ذلك اليوم ولا تشرب الناقة ، فمكثوا بذلك ماشاءالله حتى عتوا ودبروا في قتلها فبعثوا رجلا أحمر أشقر أزرق لا يعرف له أب ولد الزنا يقال له قدار ليقتلها ، فلما توجهت الناقة إلى الماء ضربها ضربة ثم ضربها اخرى فقتلها ، ومر فصيلتها حتى صعد إلى جبل فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها ، فقال لهم صالح (ع) : أعصيتم ربكم إن الله تعالى يقول : إن تبتم قبلت توبتكم ، وإن لم ترجعوا بعثت إليكم العذاب في اليوم الثالث ، فقالوا : يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، قال : إنكم تصبحون غدا وجوهكم مصفرة ، واليوم الثاني محمرة ، واليوم الثالث مسودة ، فاصفرت وجوههم فقال بعضهم : ياقوم قد جاءكم ما قال صالح : فقال العتاة : لا نسمع ما يقول صالح ولو هلكنا ، وكذلك في اليوم الثاني والثالث ، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل (ع) فصرخ صرخة خرقت أسماعهم ، وقلقلت قلوبهم ، (١) فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم ، ثم أرسل عليهم نارا من السماء فأحرقتهم. (٢)
بيان : قال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « فأصبحوا في ديارهم جاثمين » : وإنما قال : « فأصبحوا » لان العذاب أخذهم عند الصباح ، وقيل : أتتهم الصيحة ليلا فأصبحوا على هذه الصفة ، والعرب تقول عند الامر العظيم : واسوء صباحاة. انتهى. (٣)
أقول : ما ذكر في هذا الخبر من اصفرا وجوههم في اليوم الاول هو الموافق لسائر الاخبار وكلام المفسرين والؤرخين ، والابيضاض الذي ذكره على بن إبراهيم مؤول.
١٢ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن ابن أبي عمير ، عن الشحام ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن صالحا (ع)
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : فلقت قلوبهم أى شقت.
(٢) مخطوط. م
(٣) مجمع البيان ٥ : ١٧٥. م