« بكل ريع » أي بكل مكان مرتفع ، أو بكل طريق « آية تعبثون » أي بناء لا تحتاجون إليه لسكناكم ، وقيل : إنهم كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة والسابلة (١) فيسخروا منهم ويعبثوا بهم ، وقيل : إن هذا في بنيان الحمام أنكر هود عليهم اتخاذهم بروجا للحمام عبثا « وتتخذون مصانع » أي حصونا وقصورا مشيدة ، وقيل : مأخذ الماء تحت الرض « لعلكم تخلدون » أي كأنكم تخلدون فيها « وإذا بطشتم » البطش : الاخذ باليد ، أي إذا بطشتم بأحد تريدون إنزال عقوبة به عاقبتموه عقوبة من يريد التجبر بارتكاب العظائم ، وقيل : أي إذا عاقبتم قتلتم « أمدكم » الامداد : إتباع الثاني بما قبله شيئا بعد شئ على انتظام « إن هذا إلا خلق الاولين » أي كذب الاولين الذين ادعوا النبوة ، أو هذا الذي نحن عليه مما ذكرت عادة الاولين من قبلنا. (٢)
« في أيام نحسات » أي نكدات مشومات ، (٣) وقيل : ذوات غبار وتراب حتى لا يكاد يبصر بعضهم بعضا ، وقيل : باردات ، والعرب يسمي البرد نحسا. (٤)
« لتأفكنا » أي لتصرفنا « إنما العلم عندالله » إي هو يعلم متى يأتيكم العذاب « عارضا » أي سحابا يعرض في ناحية السماء ثم يطبق السماء « مستقبل أوديتهم » قالوا : كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء أخرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث « فلما رأوه » استبشروا « وقالوا هذا عارض ممطرنا » فقال هود : « بل هو ما استعجلتم به » من العذاب « تدمر » أي تهلك كل شئ مرت به من الناس والدواب والاموال ، واعتزل هود ومن معه في حظيرة من تلك الريح إلا ماتلين على الجلود وتلتذ به الانفس وإنما لتمر على عاد بالظعن ما بين السماء والارض حتى ترى الظعينة كأنها جرادة « فيما إن مكناهم فيه » أي في الذي ما مكناكم فيه من قوة الابدان وبسطة الاجسام وطول العمر
ـــــــــــــــ
(١) السابلة : الطريق المسلوكة ، المارون عليه.
(٢) مجمع البيان ٧ : ١٩٨. م
(٣) النحس : نقيض السعد. الغبار في أقطار السماء. الريح الباردة اذا أوبرت. ويأتى تفسيره بالاول في الخبر الثامن.
(٤) مجمع البيان ٩ : ٨. وفيه : هذا قول ابى مسلم. م