بنزول الغيث « ويزدكم قوة إلى قوتكم » فسرت القوة ههنا بالمال والولد والشدة ، وقيل : قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم « ولا تتولوا » عما أدعوكم إليه « مجرمين » أي كافرين « ببينة » أي بحجة ومعجزة « عن قولك » أي بقولك ، وإنما نفوا البينة عنادا وتقليدا « إن نقول إلا اعتريك » أي لسنا نقول فيك إلا أنه أصابك بعض « آلهتنا بسوء » فخبل عقلك لسبك إياها « فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون » أي فاحتالوا واجتهدوا أنتم وآلهتكم في إنزال مكروه بي ثم لا تمهلوني ، وهذا من أعظم الآيات أن يكون الرسل وحده و امته متعاونة عليه فلا يستطيع واحد منهم ضره « إلا هو آخذ بناصيتها » كناية عن القهر والقدرة ، لان من أخذ بناصية غيره فقد قهره وأذله « إن ربي على صراط مستقيم » أي على عدل فيها يعامل به عباده وفي تدبير عباده على طريق مستقيم لا عوج فيه « ويستخلف ربي قوما غيركم » أي يهلككم ربي بكفركم ويستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه « ولا تضرونه » إذا استخلف غيركم ، أو لا تضرونه بتوليكم وإعراضكم « شيئا » ولا ضرر عليه في إهلاككم لانه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم « والذين آمنوا معه » قيل : كانوا أربعة آلاف « برحمة منا » أي بما أريناهم من الهدى تعلق بآمنوا ، أو بنعمة إن تعلق بأنجينا « من عذاب غليظ » أي عذاب الآخرة أو الدينا ، والغليظ : الثقيل العظيم « واتبعوا » أي بعد إهلاكهم في الدنيا بالابعاد عن الرحمة ، فإن الله أبعدهم من رحمته وتعبد المؤمنين باللعن عليهم. (١)
« من بعدهم » أي من بعد قوم نوح « قرنا آخرين » القرن : أهل العصر ، يعني قوم هود ، وقيل : ثمود لانهم اهلكوا بالصيحة « وأترفناهم » أي نعمناهم بضروب الملاذ « عما قليل » أي عن قليل من الزمان ، و « م » مزيدة ، أي عند نزول العذاب « فأخذتهم الصيحة » صاح بهم جبرئيل عليهالسلام صيحة واحدة ماتوا عن آخرهم « بالحق » باستحقاقهم العقاب « فجعلناهم غثاء » هو ما جاء به السيل من نبات قد يبس أي فجعلناهم هلكى قد يبسوا كما يبس الغثاء وهمدوا (٢) « فبعدا » أي ألزم الله بعدا من الرحمة « للقوم الظالمين » المشركين « تترى » أى متواترة يتبع بعضها بعضا « أحاديث » أي يتحدث بهم على طريق المثل في الشر. (٣)
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٥ : ١٧٠ ـ ١٧١. م
(٢) همدالقوم : ماتوا. همد شجر الارض : بلى وذهب.
(٣) مجمع البيان ٧ : ١٠٦ ـ ١٠٨. م