نفي قول من قال بقدم القرآن ، فإن المحكم والمتشابه يطلقان على آياته ، وهذا الخبر أيضا يدل على أن إرادته تعالى من صفات الفعل وهي عين الابداع وهي محدثة ، وقدمر الاخبار في ذلك وشرحها في كتاب التوحيد ، ويدل على أن أول مبدعاته تعالى الحروف.
قوله عليهالسلام : « ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى » أي إنما خلق الحروف المفردة التي ليس لها موضوع غير أنفسها ، ولم يجعل لها وضعا ولا معنى ينتهي إليه و يوجد ويعرف بذلك الحرف ، ويحتمل أن يكون المراد بالمعنى الصفة ، أي أول ماخلقها كان غير موصوف بمعنى وصفة ينتهي إليها ويوجد ، لانها كانت مبدعة بمحض الابداع ولم يكن هناك شئ غير الابداع والحروف حتى يكون معنى للحروف أو صفة لها ، والمراد بالنور الوجود إذبه يظهر الاشياء كما تظهر الموجودات للحس بالنور ، فالابداع هو الايجاد ، وبالايجاد تصير الاشياء موجودة ، فالابداع هو التأثير ، والحروف هي الاثر موجودة بالتأثير ، وبعبارة اخرى : الحروف محل التأثير يعبر عنه بالمفعول والفعل ، والاثر هو الوجود.
قوله عليهالسلام
: « وأما الخمسة المختلفة فبحجج » كذا في النسخ ، أي إنما حدثت
تلك الحروف بحجج ، جمع الحجة ، أي أسباب وعلل من انحراف لهجات الخلق و
اختلاف منطقهم لاينبغي ذكرها ، والاضهر أنه عليهالسلام
كان ذكر تلك الحروف فاشتبه
على الرواة وصحفوها ، فالخمسة : الكاف الفارسية في قولهم : « بكو » بمعنى تكلم ، والجيم الفارسية المنقوطة بثلاث نقاط كما في قولهم : « جه ميكوئي » والزاي
الفارسية
المنقوطة بثلاث نقاط كما يقولون : « زاله » والباء المنقوطة بثلاث نقاط كما في « بياله
و
بياده » والتاء الهندية. ثم ركب الحروف وأوجد بها الاشياء وجعلها فعلا منه ، كما قال : « إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون » فكن صنع وإيجاد
للاشياء ، وما يوجد به هوالمصنوع ، فأول صادرعنه تعالى هو الايجاد وهو معنى لاوزن
له ولا حركة ، وليس بمسموع ولاملون ولامحسوس ، والخلق الثاني يعني الحرف غير
موزون ولا ملون ، لكنها مسموعة موصوفة ولايمكن إبصارها ، والخلق الثالث وهو