قولك : إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أويكونا ضعيفين ، أويكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين فلم لايدفع كل واحدمنهما صاحبه وينفرد بالتدبير؟ وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وإن قلت إنهما اثنان لم يخلو(١) من أن يكونا متفقين من كل جهة ، أو مفترقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا(٢) واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الامر والتدبير وائتلاف الامر على أن المدبر واحد ، ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فلابد من فرجة بينهما(٣) حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فليزمك ثلاثة ، وإن ادعيت ثلاثة لزمك ماقلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسة ، ثم يتناهى في العدد إلى ما لانهاية في الكثرة.
قال هشام : فكان من سؤال الزنديق أن قال : فما الدليل عليه؟(٤) قال أبوعبدالله عليهالسلام : وجود الافاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها ، ألاترى أنك إذانظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا وإن كنت لم ترالباني ولم تشاهده؟
قال : فماهو؟ قال هو شئ بخلاف الاشياء ، ارجع بقولي : شئ إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية ، غير أنه لاجسم ولاصورة ، ولايحس ولايجس ، ولايدرك بالحواس الخمس ، لاتدركه الاوهام ، ولاتنقصه الدهور ، ولايغيره الزمان.(٥)
قال السائل فتقول : إنه سميع بصير؟ قال : هو سميع بصير ، سميع بغير
__________________
(١) في نسخة وفى الكافى : لم يخل.
(٢) في الكافى هنا زيادة وهى هذه : والتدبير واحدا.
(٣) في الكافى : ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة بينهما؟
(٤) أى ما قلت دليل على وحدته فما الدليل على وجوده.
(٥) أخرجه الكلينى إلى هنا في الاصول من الكافى في باب حدوث العالم باسناده عن على بن إبراهيم. وأخرج قوله : فتقول : « انه سميع بصير » إلى قوله : « ولا اختلاف المعنى » بالاسناد تارة في باب آخرمن صفات الذات ، واخرى إلى قوله : « فعال لمايشاء » في باب اطلاق القول بانه شئ ، وأخرج بعده إلى قوله : « العاجزين المحتاجين » في باب الارادة انها من صفات الفعل ، مع اختلاف في ألفاظه أو عزنا إلى بعضه.