يأكلها سباعها ، وعضو باخرى تمزقه هوامها ، وعضو قدصار ترابا بني به مع الطين حائط؟(١)
قال : إن الذي أنشأه من غير شئ وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه. قال : أوضح لي ذلك. قال : إن الروح مقيمة في مكانها : روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسئ في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا منه خلق ، (٢) وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لايعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الارض ، ويعلم عدد الاشياء ووزنها ، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ، فإذا كان حين البعث مطرت الارض مطر النشور فتربو الارض ثم تمخض مخض(٣) السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض فيجتمع تراب كل قالب فينقل(٤) بإذن القادر إلى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها ، فإذا قد استوى لاينكر من نفسه شيئا.
قال : أخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة؟ قال : بل يحشرون في أكفانهم. قال : أنى لهم بالاكفان وقد بليت؟ قال : إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم.
قال : فمن مات بلاكفن؟ قال : يسترالله عورته بماشاء من عنده.
قال : فيعرضون صفوفا؟(٥) قال : نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الارض. قال : أوليس توزن الاعمال؟(٦) قال عليهالسلام : لا ، إن الاعمال
__________________
(١) اشارة إلى شبهة الاكل والمأكول ودفعها ، وكيفية حشر الاموات.
(٢) في المصدر : كما منه خلق.
(٣) مخض الشئ : حركه شديدا.
(٤) في المصدر : فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه ، فينتقل اه.
(٥) في المصدر : أفيعرضون صفوفا؟.
(٦) أخرجه المصنف قدسسره إلى قوله : « فمن رجح عمله » في كتاب العدل والمعاد في باب الميزان ، وذكر هناك الاخبار الواردة في الميزان وما قيل في معناه راجع ج ٧ ص ٢٤٢ ـ ٢٥٣.