قال : فماقصة ماني؟ قال : متفحص أخذ بعض المجوسية فشابها ببعض النصرانية ، (١) فأخطأ الملتين ولم يصب مذهبا واحدا منهما ، وزعم أن العالم دبر من إلهين : نور وظلمة ، وأن النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منه ، فكذبته النصارى وقبلته المجوس.(٢)
قال : فأخبرني عن المجوس أبعث الله إليهم نبيا؟ فإني أجدلهم كتبا محكمة و مواعظ بليغة وأمثالا شافية يقرون بالثواب والعقاب ولهم شرائع يعملون بها. قال : مامن امة إلا خلافيها نذيروقد بعث إليهم نبي بكتاب من عندالله فأنكروه وجحدوا لكتابه. قال : ومن هوفإن الناس يزعمون أنه خالدبن سنان؟ قال عليهالسلام : إن خالدا كان غريبا بدويا(٣) ماكان نبيا وإنما ذلك شئ يقوله الناس
قال : أفزردشت؟ قال : إن زردشت أتاهم بزمزمة(٤) وادعى النبوة فآمن منهم قوم وجحده قوم فأخرجوه فأكلته السباع في برية من الارض.
قال : فأخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دهرهم أم العرب؟ قال : العرب في الجاهلية كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس وذلك أن المجوس
__________________
* به ديانتهم ، ولمرقيون كتاب انجيل سماه. قاله ابن النديم في الفهرست : ٤٧٤ ، وترجمهم الشهرستانى في ملله ٢ : ٩١ وقال : اثبتوا قديمين اصلين متضادين : احدهما النور ، والاخرالظلمة واثبتوا أصلا ثالثاهو المعدل الجامع وهو سبب المزاج ، فان المتنافرين المتضادين لايمتزجان الابجامع ، وقالوا : الجامع دون النور في الرتبة ، وفوق الظلمة ، وحصل من الاجتماع والامتزاج هذا العالم اه.
(١) اى خلطها بالنصرانية
(٢) أخرجه المصنف من قوله : « من زعم أن الله لم يزل معه طينة موذية » إلى هنافى كتاب التوحيد في باب التوحيد ونفى الشريك ، وذكر هناك توضيحا وتحقيقا ، فيه بيان لفرق الثنوية و مقالتهم وبطلانه. راجع ج ٣ ص ٢٠٩ ـ ٢١١.
(٣) هكذا في النسخ ، وفى هامش المطبوع : عربابدويا وفى المصدر : عربيا بدويا.
(٤) قال الفيروزآبادى : الزمزمة : تراطن المجوس عندا كلهم وهم صموت لايستعملون اللسان ولا الشفة في كلامهم لكنه صوت تديره في خياشيمها وحلوقها فيفهم بعضها عن بعض. وفى النهاية : في حديث قباب بن اشيم : والذى بعثك ماتحرك به لسانى ولا تزمزمت به شفتاى. الزمزمة : صوت خفى لايكاد يفهم ومنه حديث عمر : كتب إلى بعض عماله في أمر المجوس وانههم عن الزمزمة وهى كلام يقولونه عند اكلهم بصوت خفى.