ومجرد تأخر رتبة وجوب الاحتياط عن التكليف الواقعي ، لكونه حكما في مرتبة الجهل بالتكليف الواقعي ، لا يقتضي أن يكون من مقتضياته ومعلولاته. بل المعروف استحالة اقتضاء التكليف شيئا في مرتبة الجهل به ثبوتا وإثباتا ، للزوم أخذ الشيء في مرتبة نفسه ، وكون الشيء مقتضيا لنفسه.
بل المعقول ما أشرنا اليه في مطاوي كلماتنا من أن الغرض الباعث على التكليف ، كما يدعو إلى جعل التكليف ، كذلك يدعو الى ايصاله بايجاب الاحتياط الواصل المبلّغ له إلى مرتبة الفعلية والتنجز ، حتى يكون المكلف مقهورا في ايجاده ، وغير معذور في تركه.
فكلا الايجابين من مقتضيات الموضوع ، لا أن أحدهما من مقتضيات الآخر ، حتى يكون من باب التعبد بالأثر عند التعبد بما يترتب عليه.
بل هما بحسب الغرض الداعي متلازمان ، ولا يصحح التعبد بأحدهما التعبد بالآخر.
نعم لو أريد الموضوع من الموصول لصح أن يكون التعبد به تعبدا بكلا الأثرين ، وهذا أحد الوجوه المصححة لارادة الموضوع من الموصول.
١٢ ـ قوله (قدّس سره) : فان ما لم يعلم من التكليف مطلقا (١) ... الخ.
تعميم ما لا يعلمون للشبهة الحكمية والموضوعية بوجوه :
منها : ما في المتن ، وهو إرادة التكليف المجهول مطلقا ، سواء كان سبب الجهل به فقد النص ، أو إجماله ، أو تعارض النصين ، أو الامور الخارجية ، فالمراد من الموصول خصوص التكليف مع التعميم من حيث أسباب الجهل به.
ويمكن أن يقال : إن الظاهر من التكليف الذي لا يعلمونه ، أنه بنفسه غير معلوم ، لا أن انطباقه على المورد غير معلوم بسبب الجهل بانطباق موضوعه
__________________
(١) كفاية الاصول / ٣٤٠.