كما أن نفي الحكم بنفي موضوعه لا ينافى حكومة القاعدة على أدلة الأحكام ، بدعوى أن الدليل الحاكم إذا كان ناظرا إلى الموضوع الضرري ، المشمول للعمومات والاطلاقات المتكفلة للأحكام ، فمفاده تحديد موضوعاتها وتقييدها ، وسلب الحكم عن الموضوع الضرري منها ، فالسلب سلب تركيبي حينئذ.
مع أن ظاهر قوله عليه السلام ( لا ضرر ) هو السلب البسيط ، فلا بد في فرض الحكومة من نفي الحكم الضرري ، وسلب الحكم كجعله سلب بسيط ، فدليل اللزوم باطلاقه يعم ما إذا كان اللزوم ضرريا ، وقوله عليه السلام ( لا ضرر ) يقيده بغير صورة الضرر ، بنفي اللزوم الضرري.
ووجه عدم المنافاة أن جعل الموضوع في مقام موضوعيته ومقام مقوّميته للحكم ، كنفس جعل الحكم بسيط ، وكذا سلبه ، غاية الأمر أنه بالعرض ، فاذا كان سلب الوجوب الضرري بضررية موضوعه سلبا بسيطا ، فكذا سلب موضوعه المقوم له أيضا سلب بسيط بالعرض.
وكما أن نتيجة سلب الوجوب الضرري بسيطا ، تقييد الوجوب بما إذا لم يكن ضرريا بنفسه ، أو من قبل موضوعه ، فكذا نتيجة سلب الموضوع الضرري بسيطا تقييد الموضوع المقوم للحكم بغير صورة الضرر.
وبالجملة تحديد الثابت بالعموم أو الاطلاق موضوعا أو حكما يجامع بساطة السلب ، غاية الأمر أنه في الحكم بالذات ، وفي الموضوع بالعرض ، ولا يعقل أن يكون السلب الواحد بسيطا بالاضافة إلى الحكم ، ومركبا بالنسبة إلى الموضوع ، فان ما هو بالعرض نفس ما هو بالذات ، وإلا كان بالذات أيضا فتدبر جيدا.
* * *