وثانيا : بأن الجامع موجود بوجودات متعددة ، وليس وجوده في ضمن فرد بقائه لوجوده في ضمن فرد آخر ، إلا إذا كان بينهما وحدة اتصالية كالبياض الشديد الذي يزول شدته ويبقى أصله ، فان القطع بزواله بما هو شديد لا ينافي الشك في بقائه بما هو بياض.
ومن الواضح : أنه ليس بين الوجوب والاستحباب ، ولا بين الوجوبين وحدة اتصالية ، فانهما من الاعتباريات التي لا يجري فيها الحركة والاشتداد ، بل يجري في بعض المقولات.
مع أنه يستحيل أن يكون الوجوب النفسي من مراتب الوجوب الغيري المعلولي المنبعث عن وجوب المركب نفسيا.
وثالثا : بأن المستصحب وإن كان حكما ، فلا يحتاج التعبّد به إلى أثر شرعي آخر ، إلا أنه بالاضافة إلى ما هو المهم في المقام ، من لزوم امتثاله واستحقاق العقوبة على مخالفته : إما مثبت أو غير مفيد فيلغو ، فانه لو قلنا : بأن التعبّد بالجامع يستلزم التعبّد بوجوب الباقي نفسيا ، فيترتب عليه الأثر المهم ، فهو أصل مثبت ، لأن لازم بقاء الوجوب الجامع عقلا كونه في ضمن الوجوب النفسي للباقي ، ولو قلنا : بمجرد التعبد بالجامع ، فالجامع بين ما يترتب عليه العقاب وما لا يترتب عليه ، لا يعقل أن يكون لازمه العقلي استحقاق العقاب.
ثانيها : استصحاب الوجوب النفسي الشخصي ، بدعوى المسامحة العرفية في موضوعه ، نظرا إلى أن الباقي في نظر العرف متحد مع المركب ، فيكون وجوبه وجوبه.
والجواب : أنه إنما يصح إذا كان المتعذر بحيث لا يمنع عن دعوى الاتحاد بين المركب والباقي ، فلا مجال للاستصحاب على الاطلاق بل في مثله ، كما أن استصحاب كريّة الماء كذلك ، فانه إنما يصح إذا كان الموجود من الماء متحدا مع الماء السابق عرفا ، بلحاظ كون المأخوذ منه قليلا يتسامح فيه عرفا.