وفي تمييز حظوظها من الابداع أو الاخفاق ، وهو إذن حصيلة تختلف باختلاف ما يدرك الناقد من معاني الجمال ومن درجات التوافق والانسجام بين اجزاء الشيء وصفاته.
وقد يقصد بالوجدان مجموعة العواطف والانفعالات التي يجدها الانسان نحو الشيء ومجموعة الانطباعات التي يتركها الشيء في الانسان ، فهو اذن مجموعة أهواء ومجموعة صور تختلف من شخص لشخص بل ومن حال لحال.
وأيا كان معنى الوجدان من هذه المعاني فهو لا يصلح لأن يكون ركيزة للدين ولا مقراً ثابتاً له ، فان العقيدة الراسخة المتينة والمنهاج الثابت الخالد ، والايمان القوي الصناع ، الذي يصوغ الانسانية ويبني الحياة ويشد الاجتماع يستحيل ان تقوم على سند لاتماسك له ولا قرار ، أو تحتبس في مضيق لارحابة فيه ولا اتساع.
والقرآن يتحدث الى الوجدان ويحرك ساكنه ويستجيش كامنه ، لا ليؤسس على نظرته عقيدة ولا ليقيم عليها شريعة ، ولكنه يعلم حق العلم ان الانسان مجموعة قوى وغرائز وطاقات ونزعات وعواطف وأحاسيس ، وقواه المفكرة وان كانت اهم مافيه إلا انها ليست كل مافيه ، وكثيراً ماعصى المرء عقله ليدلل عاطفته ، وكثيراً ما وأد فكراً سديداً لأنه يخالف شعوراً يلتذ به أو انفعالاً لا يرضى بتركه. ويعلم القرآن كذلك حق العلم أن الدين منهاج للانسان كله لا لعقله وحده ولا لروحه وحدها. فمن الحق أن يتحدث الى الوجدان كما يتحدث الى العقل ، ومن الحق أن يستثير العواطف والنوازع كما يستثير التفكير والتأمل.