والعواطف التي تعقد الواحد بنوعه وتعنيه بحفظه بل وتفنيه في حدوده ، والغرائز التي تعزز فيه هذا النزوع وتمكن لهذه الأغراض ، إنها ركائز المجتمع العام في نفوس الأفراد.
واتسع الفكر بالانسان الحديث ، وتنوعت ـ بطموحه ـ مطاليب الحياة ، وكثرت ـ بشرهه ـ ضروراتها ، وأحس بحاجة للمزيد في الثقافة ، وأحس بحاجة للتعاون في الصناعة ، وأحس بحاجة ااتبادل في مقتضيات العيش ، وفي واجبات المدنية ، وأحس بضرورة التفاهم مع سائر الامم ، والافادة من تجاربهم والاقتباس من علومهم وسياساتهم ، واحس بأن هذه الضرورات تقتضيه أن يتصل ، وأن يحكم الصلة ، فارتبط في المعرفة ، وارتبط في الصناعة ، وارتبط في الفن ، وارتبط في الاقتصاد ، وارتبط في السياسة ، وارتبط في الحماية.
وحاول بعد ذلك ان يرتقي بروابطه هذه الى وحدة ، فوحدة بين شعوب واندماج بين دول ، ولعله سيستبين الغاية التي من أجلها خلق فتتسع الصلة وتعم الوحدة وتفنى الحدود. ولعل الوازع الخلقي سيستيقظ اذا اندمجت الوحدات وتوحدت المصالح. لعله يستيقظ يومه ذلك فيطبع البشرية مجتمعة بطابع كريم ، ويرتفع بها عن حضيض أوشكت أن تتردى فيه.
البشرية أينما قطنت شعوبها من بقاع هذه الأرض ، وأنى وجدت من آماد هذا الزمان مجتمع واحد لاتعدد فيه.
والقانون الذي يقوم عليه هذا المجتمع
ويتكفل بأحكام وحدته وتهذيب آحاده لابد وأن يكون منتزعاً من صميم الحياة لهذا الانسان ، ومن المقومات الأصيلة لطباعه والاسس الذاتية لسلوكه ومن مختلف حاجاته