مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ) (١).
أرأيت هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة ، بغتهم البرهان القويّ الدامغ فانغضوا رؤوسهم ، وانغاض الرأس هو تحريكه استهزاءً أو تعجباً كما يقول المفسرون. أو لمعنى سواهما كما قد يفهم من الملابسات.
وهذا التنزل المفاجيء السريع على ماذا يدل ؟.
فلقد كانوا باديء بدء مصرين خصمين ، وكانت لهجتهم في الخصام عنيدة شديدة ، وها هم الآن وبعد فترة جد قصيرة يسألون هذا السؤال السادر الحائر عن ميعاد البعث ( متى هو ؟ ) كمن قد آمن بالبعث فهو يسأل عن ميعاده !.
لعل الجواب أذهلهم عن أنفسهم وعن المخبآت الكثيرة التي شحنت بها صدورهم وملئت بها آفاقهم. لعل الجواب أذهلهم عن ذلك فكانت الحيرة وكان السّدر ، وكان الاضطراب المفاجيء والسؤال المرتبك.
وجواب هذا السؤال الغامض الحائر يجب ان يكون من هذا النوع الذي يملأ قلب السائل فزعاً ويزيده ذهولا ، من هذا النوع القصير الحازم يدني يوم البعث من السائل ويضع أهواله بين عينيه.
عسى أن يكون قريباً.
عسى أن يكون قريباً فلابد من الحذر ، ولابد من اخذ الأهبة.
وما يدري الانسان ؟ لعله في آخر برهة من حياته ، وإذا انتهت به الحياة
__________________
١ ـ الاسراء ، ٤٩ ـ ٥١.