لأنه يأمل أن الغراس
سيؤتيه أكله بعد حين ..
لقد أفادته التجارب أن العود يفرع وأن
البذرة تنمو ، وان الزرع ينتج وان النتاج يجنى ، واذن فستورق هذه البذرة وستربو وتثمر ويونع ثمرها ، وسيجني هو قطاف غرسه ونتاج عمله.
هذه الفكرة تعمر قلب الفلاح وهو يغرس ، وتهون
من متاع الزارع وهو يكدح ، وتنشط كل عامل في هذه الحياة وهو يعمل.
واذن فالناس كلهم يوقنون بأن القاعدة
الطبيعية في الأشياء هي الصحة ، وان القياس العام في الامور كلها ان تتوجه الى غاياتها توجهاً طبيعياً لا عرقلة فيه وان تؤتي ثمارها إيتاءً كاملا لا نقص فيه. أما الآفات والمعوقات فانها قد تعرو الشيء فتعتاقه في المسير أو تبطيء به عن الانتاج ولكنها ـ على أي حال ـ أمور طارئة عليه وليست طبيعية له ، والشيء غير الطبيعي لايطرد له قياس.
هذا هو الاصل العام المتبع في الأشياء
كافة ، يدركه الناس بفطرتهم ، ويجرون على وفقه في جميع أعمالهم ولا يختلفون فيه ولا يرتابون ، ولا يجادل أحد منهم في ثبوته ، وهو الأصل كذلك في الانسان وفي قوته المفكرة وفي جهازه الاختياري كله ، بل وفي سائر قوى الانسان وعامة اجزائه.
ذلك أن الانسان موجود من موجودات هذا
الكون يعنو لقوانينه ولا يتخلف عنها ، وقوى هذا الكائن واجهزته وطاقاته اجزاء منه تخضع لما يخضع له من قوانين وينفذ فيها ما ينفذ فيه من أحكام.
ومقتضى انطباق ذلك المقياس العام عليها
أن السلامة في العقل والاستقامة في التفكير هما الأصل الطبيعي في الانسان وان الميل والنشوز في