( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ) (١) بعد تمزقها بالموت وصيرورتها رميماً فهو لهذا الحسبان ينكر البعث ويحيل وجوده ويجحد توابعه ؟
إن كان هذا هو حسبانه وهذه هي تعلته فقد اخطأه الوهم وأضله التعليل.
ولم لا نجمع عظامه ؟ ولم يخال هو ذلك ؟ ولم ينكر قدرتنا عليه ؟.
( بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ) (٢).
أرأيت البنان بدقة تركيبها وبراعة تصويرها ، حتى لاتجدها في انسان تشبهها في انسان آخر ؟ أرأيت البنان بخطوطها ومدوراتها ومميزاتها ؟ إننا قادرون على أن نسويها بعد العدم ونضم اجزائها بعد التفرق ، حتى ليست تختلف عن وجودها الأول في مادة ولا في شكل ولا في مقدار.
هكذا يجيبه القرآن على حسبانه.
إنها دعوى تقرع بدعوى. ولكن دعوى القرآن ليست مجردة عن الدليل ، فلقد علم الانسان بفطرته أن له خالقاً سوّاه بعد العدم فلن يشك أبداً في قدرة ذلك الموجد ، وليس أدل على القدرة من الإيجاد ، إذن فلا مسرب لذلك الوهم الى يقينه ، وإن ذهب وهمه الى فهو وهم زائل غير مستقر ، تذهب به وبآثاره لفتة واحدة لمظاهر القدرة الموجودة ، فليس وهما ثابتاً يوجب الحيرة للانسان ، ولم يكن هو العلة المباشرة لإضلاله.
__________________
١ ـ القيامة الآية ٣.
٢ ـ القيامة الآية ٤.