( إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ * فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (١).
وكأنهم في قولتهم هذه يحذرون موتة ثانية فهم ينكرون من أجلها حياة ثانية ! وحجتهم هذا التعجيز التافه : فأتوا بآبائنا.
أتدّعون أن الموتى ينشرون لحياة ثانية ، ينشرون بعد موتتهم الاولى ؟
أتقولون هذا جادين غير هازلين ؟.
إن هذه دعوى غير عسيرة البرهان. فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين.
أحيوا لنا من غير من أسلافنا لنعرف مبلغكم من الصدق.
وقد جمع القرآن كثيراً من أقاويلهم وعرض انواعاً من حجاجهم. ولعله انما عني بذلك ليرى الانسان سقطته في التفكير إذا جمح به التعصب.
متى كان الألف قاعدة ثابتة تحكم بموجبها الأشياء وتناط بها صحة العقائد ؟!
ثم متى كان الاستبعاد دليلا على الاستحالة ؟!
لقد كان المرء جنيناً في بطن امه ، وكان قبل ذلك نطفة وعلقة. افليس من المضحك ان يقول وهو في تلك الادوار ـ ولنفرضه هناك عاقلا له رأي وله قول ـ أليس من المضحك ان يقول في تلك الأدوار : ليس لي مستقبل يأتي وراء هذا الحاضر ، لأني لم أجد اثراً لهذا المستقبل ؟.
* * *
__________________
١ ـ الدخان ، الآية ٣٥ ـ ٣٦.