واختصه بهذه الكرامة ، والموفون ببيعته من الناس إنما يوفون ببيعة الله المبرمة ، والناكثون منهم إنما يخيسون بعهد الله الوثيق ، والله وحده ولي الجزاء الحق للناكثين والموفين :
( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (١).
والرسول واجب الاطاعة على الناس جميعاً ، وفرض طاعته هذا باذن الله ربّ الناس ، ملك الناس ، إله الناس : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) ، وما كان الله لينتدبه لهداية الخلق ثم لا يضمن لكلمته النفوذ ، ولا يعبِّد طريقها الى القلوب ، وما كان الله لينيط به تقويم المجتمع ، وحسم أدوائه وعلاج مشكلاته ثم لا يوليه الامر في تدبيره ، ولا يؤتيه القياد في تسييره. وما كان الرسول أن تكون طاعته بغير إذن الله وهو يحمل رسالته ويدعو الى توحيده وينفي الانداد والاضداد معه ، وما كان لذي عقل أن يصدّق قائلاً عن الله وهو يبتغي الطاعة من المخلوقين باسم سواه.
وحتى مغفرة الذنوب وهي في دين الإسلام من شؤون الله وحده ، ولا إرادة لأحد من المخلوقين فيها بنقص ولا إبرام. أجل فالله وحده هو واضع الحدود والتبعات ، ومالك الجزاء والعفو وعالم السر والعلانية ، وقابل التوبة عن عباده ، ومحصي أعمالهم والمطلع على نياتهم. وليس في دين الإسلام
__________________
١ ـ الفتح ، الآية ١٠.
٢ ـ النساء ، الآية ٦٤.