جماعة من الناس ، بل ولا جيل كامل من أجيالهم ، مهما تكن التربية رشيدة ، ومهما يكن المربي حكيما. فمن شأن المجتمع أن يتجدد ويتسع ، ومن دأب نفوس الأفراد أن تتردى وتنزلق ، وغرائز الناس هي الغرائز في نزقها وجماحها وعوائق الفطرة عن الاستقامة هي العوائق في شدتها ووفرتها وأهواء القلوب هي الأهواء في مداخلها ومخارجها. وكل هذه معاثر ومزالق تدفع بالنفوس الى التردي وتحمل المجتمع على الانتكاس ، وهما لذلك ولسواه ما يزالان مفتقرين الى التربية الطويلة والمصابرة الحكيمة ، وما يزالان مفتقرين الى القدوة الصالحة والمثال الأعلى. ما يزالان مفتقرين إلى عقل يمد العقول بالهداية ونفس تمد النفوس بالزكاة وقلب يمد القلوب بالطهر. ما يزالان مفتقرين إلى الانسانية المشعة بالهدى ، المنيرة بالحق ، المشرقة بالعدل.
فلا معدل عن إمامة تحمل أعباء النبوة وتمثلها في مهمتها حق التمثيل.
ولا معدى عن إمام تتم به على المؤمنين المنة ، وتكمل لهم النعمة.
* * *
وللرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مقام الزعامة الكبرى في الامة وموضع القيادة العامة من صفوفها ، وسلطته هذه مستمدة من صميم الرسالة التي يجهد لأدائها ويكدح لاعلائها. ومن صريح المبدأ الذي يعمل لنشره ويقوم على تنفيده.
من جوهر كلمة الله التي انيطت به ومن
طبيعة دين الله الذي يُعنى بتبليغه يستمد الرسول زعامته المطلقة للبشر ، وقيادته العامة لصفوفهم ، وولايته الكبرى على امورهم ، فبيعته هي بذاتها بيعة الله الذي أهله لهذه الزعامة ،