ومتى استبان ذلك للعقل وعلم به حق العلم
فقد اتضح له دون مرية ان بعث الأنبياء ضرورة لابد منها كذلك.
ضرورة تقتضيها جميع النواحي المذكورة ، من
حيث أنه ضرورة يقتضيها وجود الدين وتبليغ أحكامه.
الدين عقيدة للايمان تستتبع شريعة للعمل
، وجليّ أن كل واحدة من هاتين اختيارية تعتمد على الموازنة والترجيح وامعان الفكر في التصويب أو التخطئة وليست سنة طبيعية لها في مجال التكوين مجرى معين لا تعدوه وغاية محدودة لا تنحرف عنها. والدين وضع إلهي لامدخل للبشر في تشريعه ، وليس في طاقة أي منهم أن يكون له مدخل فيه وجميع هذا قد تقدم الحديث فيه مبسوطاً مشروحاً.
واذن فلا محيد عن النبوة اذا لم يكن
محيد عن الدين.
لان مصدر التشريع في الدين هو الله.
وليس بمقدور الناس أن يتفهموا دينهم عن الله سبحانه مباشرة دون وسيط.
والرسالة في صفتها الاولى سفارة عن الله
تعالى تقوم بشرح العقيدة وإبلاغ الشريعة ، وإيضاح الحجة ، والرسول في مهمته الثانية داعية الى الله يبين للناس رسوم الحق ومعالم الباطل ، وينير لبصارهم محاسن الهدى ومقابح الضلال. وقول الرسول سند لثبوت كل رسم من رسوم الدين وكل بند من بنود الشريعة وكل علم من أعلام الحق ، والرسول هو النموذج الاعلى الذي اعده الله للناس ليصوغوا انفسهم على مثاله ، بأقواله يهتدون وبأعماله يقتدون :
(
يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا
إِلَى