والمسلم مشرق الروح نيّر العقل والقلب ، يستمد صنوف كماله من أعماق نفسه. من صلته الوثقى التي ملأت آفاقه وملأت حياته. من هذا السلك الذي يشده بمصدر كل كمال وينبوع كل خير وجمال. من صلته العظمى بربّه.
كذا تنفذ أشعة التوحيد في أعماق الفرد المسلم وتضيء آفاقه وتوقظ ضميره وتبني شخصيته ، وتوجه إرادته ومشاعره وتحكم أشواقه ورغباته. فلا يعثر ولا يتردد ، ولا ينكب عن سبيل الهدى ولا ينكفيء دون الغاية ، ولا يتهرب من واقع ، ولا يلتوي في قصد.
ثم تنفذ في أعماق المجتمع المسلم وتطهر صلاته وتضبط حدوده ، فلا بخس لحق ولا خسر لميزان ولا أثرة ولا تحاسد ولا تباغي ولا نفاق ولا مداهنة ، ولا إغضاء على ظلم ، ولا حيف في حكم ولا استبداد من راع ولا التواء من رعية.
ان الإسلام بشرائعه ومعارفه وهداياته وآدابه ومفصلات نظمه ومبسطات مناهجه يتجمع وينطوي وتتداخل حدوده ، وتندمج تعاليمه ، حتى يكوّن وحدة لاتعدد فيها من وجه ، هي عقيدة التوحيد التي يدين بها المسلم لبارئه ، ويخضع من أجلها لقوله.
فالإسلام هو التوحيد مجلو القسمات مبين الظلال والسمات.
وهذه هي الحقيقة الرائعة التي قررها داعية الإسلام الأول لما قال كلمته الأولى : ( قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) لما ضمن للناس الفلاح أن يقولوا هذه الكلمة ويؤمنوا بهذه العقيدة.
أما تنزيه الله عما لا يليق بجلاله من
الصفات ، وتقديسه عما ينافي