حكمته من الأفعال.
أما هذه العقيده فهي من شعب التوحيد الخالص والغني الذاتي المطلق.
فما كان للعقل المستنير أن يؤمن بأن الله وحده واهب كل كمال في هذا الوجود ومصدر كل غنى ومؤتي كل رحمة ، ثم يرتاب بعد ذلك أو يزعم أن هذا الوهاب ليس جامعاً لصنوف الكمال ، أو ليس متفرداً بضروب الغنى. ما كان للعقل أن يقول بهذا بعد أن آمن بذلك فان من دائه الأشياء أن من لايملك شيئاً لا يعطيه.
وما كان للعقل المستنير أن يعترف بان الله وحده واهب الكمال لكل كامل ومانح الرفعة لكل رفيع ومؤتي العظمة لكل عظيم ، ثم يبتغي بعد ذلك أن يجد لله شبيهاً من خلقه ومضارعاً له في نعوته. ما كان للعقل أن يبتغي هذا بعد أن اعترف بذلك فما شباهة مفتقر في وجوده محدود في كماله بغنى غير متناه ولا محدود ؟
وما كان للعقل المستنير أن يعترف أن يقول : باريء الكون مستغن بذاته عن كل شيء ، ثم يقول بعد ذلك ، له صفات هي غير ذاته يستجمع بها ضروب الكمال. ماكان للعقل ان يقول بهذا متى أيقن بذلك لأنه تناقض صريح سواء أكانت الصفات التي يعنيها قديمة أم حادثة ، وسواء أكانت واجبة أم ممكنة ، مادامت زائدة على ذاته.( على حد تعبير علماء الكلام ) وما دامت تعني أن الذات استكملت بها من نقص وأفادت بها من عدم.
وما كان للعقل المستنير أن يقول : واجب
الوجود واحد يستحيل عليه أن يتعدد ، أحد يمتنع عليه أن يتركب. ثم يقول : ولباريء الكون صفات غير ذاته هي كذلك واجبة الوجود. ماكان للعقل أن يقول بهذا متى اعترف