ويوقن المسلم بأن الله مطلع فلا تخفى عليه خاطرة نفس ، عليم فلا تغيب عنه خالجة قلب ، محيط فلا يضل عنه مثقال حبة ولا مقدار ذرة ، ثم هو حاكم لا يجوز عدله ظلم ، جبار لا يقوم لغضبه شيء ، قاهر لا يفوت قدرته حي ، ولذلك فالمسلم لا يعصي الله في سرّ ولا يتعرض لمقته في علانية ، ولا يتباطأ عن حق ولا يتسامح في حدّ.
وأنى يجرؤ على شيء من ذلك وهو يعلم أن الله شديد الأخذ على الجريمة ، أليم البطش على انتهاك الحدود ، فالمسلم مأمون العثار صادق اللهجة زكي الروح ، محمود السلوك.
ويوقن المسلم بأن الله الذي فرض عليه الايمان وحببه اليه وزينة في قلبه قد ربط بينه وبين سائر المؤمنين بالأخوة ، وسوّى بينه وبين عامة البشر في الحقوق وأوجب عليه النصرة لكل مسلم إذا ظلم ، وفرض عليه النصيحة لكل بشر اذا جهل والهداية لكل جاهل إذا ضل. ولذلك فالمسلم نزيه الطوية عن الحقد رفيع الهمة عن الخداع مجبول الطبيعة على الاحسان. والمسلم عون الله للضعيف ، ودعوة الله الى الخير ، وقيّم الله على إقامة الحق وافشاء العدل وانارة السبيل وايضاح الدليل.
ويوقن المسلم بأنه حين يؤمن بالله ويحكم
صلته به وحين يمتليء بهذا الايمان عقله ونفسه وقلبه وجوارحه فانما يصل عقله ونفسه وقلبه وجوارحه بالقوة التي لن تضعف ، وبالعظمة التي لن ترام والعزة التي لن تضام ، والقدرة التي لن يمتنع منها شيء وبالنور الذي لن يطفأ ، والعلم الذي لن يجهل. ولذلك فالمسلم لا يعرف الجبن في موقف ولا يناله الخوف من حادث ولا يدركه الصغار في مقام ، ولا يقيم على ضيم ولا يخلد الى مهانة ،